معاني القرآن، ج ١، ص : ٧٢
القرّاء :«أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا» يستفهم فى «أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا» بقطع الألف لينسّق عليه «أَمْ» لأن أكثر ما تجىء مع الألف وكلّ صواب. ومثله :«أَ لَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي» ثم قال :«أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا» والتفسير فيهما واحد. وربّما جعلت العرب «أَمْ» إذا سبقها استفهام لا تصلح أىّ فيه على جهة بل فيقولون : هل لك قبلنا حق أم أنت رجل معروف بالظّلم.
يريدون : بل أنت رجل معروف بالظّلم وقال الشاعر :
فو اللّه ما أدرى أسلمى تغوّلت «١» أم النّوم أم كلّ إلىّ حبيب
معناه [بل كلّ إلىّ حبيب ] «٢».
وكذلك تفعل العرب فى «أو» فيجعلونها نسقا مفرّقة لمعنى ما صلحت فيه «أحد»، و«إحدى» كقولك : اضرب أحدهما زيدا أو عمرا، فإذا وقعت فى كلام لا يراد به أحد وإن صلحت جعلوها على جهة بل كقولك فى الكلام :
اذهب إلى فلان أو دع ذلك فلا تبرح اليوم. فقد دلّك هذا على أن الرجل قد رجع عن أمره الأوّل وجعل «أو» فى معنى «بل» ومنه قول اللّه :
«وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ» وأنشدنى بعض العرب «٣» :
بدت مثل قرن الشّمس فى رونق الضّحى وصورتها أو أنت فى العين أملح «٤»
يريد : بل أنت.
(٢) الزيادة من تفسير الطبري.
(٣) آية ١٤٧ سورة والصافات.
(٤) قرن الشمس : أعلاها. «و صورتها» بالجرّ عطف على قرن. وأملح : من ملح الشيء (بالضم) ملاحة أي بهج وحسن منظره. والبيت نسبه ابن جنى فى المحتسب إلى ذى الرمة، ولم نجده فى ديوانه.