معاني القرآن، ج ٢، ص : ١١٤
بن ياسر وأصحابه الذين عذّبوا، حتّى أشرك بعضهم بلسانه وهو مؤمن بقلبه فغفر اللّه لهم، فذلك قوله (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) بعد الفعلة «١».
وقوله : قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً [١١٢] يعنى مكّة أنها كانت لا يغار عليها كما تفعل العرب :
كانوا يتغاورون (مُطْمَئِنَّةً) : لا تنتقل كما تنتجع العرب الخصب بالنّقلة.
وقوله (مِنْ كُلِّ مَكانٍ) : من كلّ ناحية (فَكَفَرَتْ) ثم قال (بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) ومثله فى القرآن كثير. منه قوله (فَجاءَها «٢» بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) ولم يقل : قائلة. فإذا قال (قائِلُونَ) ذهب إلى الرجال، وإذا قال (قائلة) فإنما يعنى أهلها، وقوله (فَحاسَبْناها «٣» حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً فَذاقَتْ).
وقوله (لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) ابتلوا بالجوع سبع سنين حتى أكلوا العظام المحرقة والجيف.
والخوف بعوث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وسراياه. ثم إن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم رقّ لهم فحمل إليهم الطعام وهم مشركون. قال اللّه عز وجل لهم، كلوا (وَ اشْكُرُوا «٤»).
وقوله : لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ [١١٩] كلّ من عمل سوءا فهو جاهل إذا عمله.
وقوله : أُمَّةً قانِتاً [١٢٠] : معلما للخير.
وقوله : إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ [١٢٤] أتى موسى أصحابه فقال : تفرّغوا للّه يوم الجمعة فلا تعلموا فيه شيئا، فقالوا : لا، بل يوم السبت، فرغ اللّه فيه من خلق السموات والأرض، فشدّد عليهم فيه. وأتى عيسى النصارى بالجمعة أيضا فقالوا : لا يكون عيدهم بعد عيدنا فصاروا إلى الأحد. فذلك اختلافهم وتقرأ «٥» (إنما جعل ٩٨ السبت نصبا، أي جعل اللّه تبارك وتعالى.
(٢) الآية ٤ سورة الأعراف.
(٣) الآيتان ٨، ٩ سورة الطلاق. [.....]
(٤) ورد ذلك في الآية ١١٤
(٥) هى قراءة الحسن والمطوعى.