معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٢١
و قوله (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) قرأها عاصم بن أبى النّجود والأعمش (أفّ) خفضا بغير نون. وقرأ العوامّ (أفّ) فالذين خفضوا ونوّنوا ذهبوا إلى أنها صوت لا يعرف معناه إلّا بالنطق به فخفضوه كما تخفض الأصوات. من ذلك قول العرب : سمعت طاق طاق لصوت الضرب، ويقولون :
سمعت تغ تغ لصوت الضحك. والذين لم ينوّنوا وخفضوا قالوا : أفّ على ثلاثة أحرف، وأكثر الأصوات إنما يكون على حرفين مثل صه ومثل يغ ومه، فذلك الذي يخفض وينوّن فيه لأنه متحرك الأوّل. ولسنا بمضطرين إلى حركة الثاني من الأدوات وأشباهها فيخفض «١» فخفض بالنون :
و شبّهت أفّ بقولك مدّ وردّ إذ كانت على ثلاثة أحرف. ويدلّ على ذلك أنّ بعض العرب قد رفعها فيقول أفّ لك. ومثله قول الراجز :
سألتها الوصل فقالت مضّ وحرّكت لى رأسها بالنغض «٢»
كقول «٣» القائل (لا) يقولها بأضراسه. ويقال : ما علّمك أهلك إلا (مضّ «٤» ومضّ) وبعضهم :
إلّا مضّا يوقع عليها الفعل. وقد قال بعض العرب : لا تقولن له أفّا ولا تفّا يجعل كالاسم فيصيبه الخفض والرفع [والنصب ] ثبت فى ب والنصب «٥» بلا نون يجوز كما قالوا ردّ. والعرب تقول : جعل يتأفّف من ريح وجدها، معناه يقول : أفّ أفّ. وقد قال الشاعر «٦» فيما نوّن :
وقفنا فقلنا إيه عن أمّ سالم وما بال تكليم الديار البلاقع

(١) فى الأصول :«فخفض» والمناسب ما أثبت. ويريد بالأدوات نحو ليت
(٢) النغض تحريك الرأس
(٣) فى اللسان (مضض) فى نقل عبارة الفراء :«مض كقول القائل...» وهى ظاهرة.
(٤) فى ا :«مض» وفى ش، ب «إض ومض» وما أثبت من اللسان فى (مضض)
(٥) ا، ش :«إحنا» وما أثبت من اللسان فى الموضع السابق
(٦) هو هو ذو الرمة، وإيه استزادة فى الحديث وأصلها التنوين. ولذلك يقول الفراء :«فيما نون». وانظر الديوان ٣٥٦.


الصفحة التالية
Icon