معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٤٤
و قوله (وَ فَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً) يقال : كيف جاز التّشديد وإنما النهر واحد؟ قلت : لأن النهر يمتدّ حتى صار التفجر كأنه فيه كلّه فالتخفيف فيه والتثقيل جائزان. ومثله (حَتَّى تَفْجُرَ «١» لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) يثقّل ويخفّف «٢».
(قوله : وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ [٣٤]) حدّثنا محمد قال حدثنا الفراء قال : وحدثنى المعلّي بن هلال الجعفىّ عن ابن أبى نجيح عن مجاهد قال : ما كان فى القرآن من ثمر بالضمّ «٣» فهو مال، وما كان من ثمر مفتوح فهو من الثمار.
وقوله : خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً [٣٦] مردودة على الجنّة وفى بعض مصاحف «٤» أهل المدينة (منهما منقلبا) مردودة على الجنّتين.
وقوله : لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي [٣٨] معناه : لكن أنا هو اللّه ربّى ترك همزة الألف من أنا، وكثر بها الكلام «٥»، فأدغمت النون من (أنا) مع النون من (لكن) ومن العرب من يقول :
أنا قلت ذاك بتمام الألف فقرئت لكنّا على تلك اللغة وأثبتوا الألف فى اللغتين فى المصحف : كما قالوا : رأيت يزيدا وقواريرا فثبتت «٦» فيهما الألف فى القولين «٧» إذا وقفت. ويجوز الوقوف بغير ألف فى غير القرآن فى أنا. ومن العرب من يقول إذا وقف : أنه وهى فى لغة جيّدة. وهى فى علياتميم وسفلى قيس وأنشدنى أبو ثروان :
و ترميننى بالطّرف أي أنت مذنب وتقليننى لكنّ إيّاك لا أقلى
يريد : لكن أنا إيّاك لا أقلى، فترك الهمز فصار كالحرف الواحد. وزعم الكسائي

(١) الآية ٩٠ سورة الإسراء.
(٢) التخفيف لعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف وافقهم الحسن والأعمش، والتثقيل للباقين.
(٣) قرأ بالفتح هنا، وفى الآية الآتية «و أحيط بثمره» عاصم وأبو جعفر وروح، وقرأ الباقون بالضم. وفى اللسان (ثمر) أن يونس لم يقبل هذه التفرقة فكأنهما عنده سواء.
(٤) هى قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبى جعفر وافقهم ابن محيصن.
(٥) فى ا : فى «الكلام».
(٦) ا :«تثبت».
(٧) أي عند من يقول فى الوصل :«لكنا» بالألف وهم ابن عامر وأبو جعفر ورويس، وعند من يقول فى الوصل :«لكنا» بدون ألف وهم الباقون. [.....]


الصفحة التالية
Icon