معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٥٧
و قوله : وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ [٧٩] يقول : أمامهم ملك. وهو كقوله (مِنْ «١» وَرائِهِ جَهَنَّمُ) أي أنها بين يديه. ولا يجوز أن تقول لرجل وراءك : هو بين يديك، ولا لرجل هو بين يديك : هو وراءك، إنما يجوز ذلك فى المواقيت من الأيّام والليالى والدهر أن تقول : وراءك برد شديد : وبين يديك برد شديد لأنك أنت وراءه فجاز لأنه شىء يأتى، فكأنه إذا لحقك صار من ورائك، وكأنك إذا بلغته صار بين يديك. فلذلك جاز الوجهان.
وقوله : فَخَشِينا [٨٠] : فعلمنا. وهى فى قراءة أبىّ (فخاف ربّك أن يرهقهما) على معنى : علم ربّك. وهو مثل قوله (إِلَّا أَنْ «٢» يَخافا) قال : إلا أن يعلما ويظنّا. والخوف والظنّ يذهب بهما مذهب العلم.
وقوله : خَيْراً مِنْهُ زَكاةً [٨١] صلاحا «٣» (وَ أَقْرَبَ رُحْماً) يقول : أقرب أن يرحما به. وهو مصدر رحمت.
وقوله : كَنْزٌ لَهُما [٨٢] يقال : علم.
وقوله (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) نصب : فعل ذلك رحمة منه. وكلّ فعل رأيته مفسّرا للخبر الذي قبله فهو منصوب. وتعرفه بأن ترى هو وهى تصلحان قبل المصدر، فإذا ألقيتا اتّصل المصدر بالكلام الذي قبله فنصب، كقوله (فَضْلًا «٤» مِنْ رَبِّكَ) وكقوله (إِنَّكَ لَمِنَ «٥» الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) معناه : إنك من المرسلين وهو تنزيل العزيز (وهذا «٦» تنزيل العزيز الرحيم) وكذلك قوله (فِيها «٧» يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) معناه : الفرق فيها أمر من عندنا.
فإذا ألقيت ما يرفع المصدر اتّصل بما قبله فنصب.

(١) الآية ١٦ سورة إبراهيم.
(٢) الآية ٢٢٩ سورة البقرة.
(٣) سقط فى ا.
(٤) الآية ٥٧ سورة الدخان.
(٥) الآيات ٣ - ٥ سورة يس.
(٦) سقط ما بين القوسين فى ا.
(٧) الآيتان ٤، ٥ سورة الدخان.


الصفحة التالية
Icon