معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢١
التفسير جاء : سلّموا عليه فردّ عليهم. فترى أن معنى سلّم وسلام واحد واللّه أعلم. وأنشدنى بعض العرب :
مررنا فقلنا إيه سلّم فسلّمت كما اكتلّ بالبرق الغمام اللوائح «١»
فهذا دليل على أنهم سلّموا فردّت عليهم. وقرأه العامّة (قالوا سلاما قال سلام) نصب الأول ورفع الثاني. ولو كانا جميعا رفعا ونصبا كان صوابا. فمن رفع أضمر (عليكم) وإن لم يظهرها كما قال الشاعر :
فقلنا السلام فاتّقت من أميرها فما كان إلّا ومؤها بالحواجب «٢»
و العرب تقول : التقينا فقلنا : سلام سلام. وحجّة أخرى فى رفعه الآخر «٣» أن القوم سلّموا، فقال حين أنكرهم : هو سلام إن شاء اللّه فمن أنتم لإنكاره إيّاهم. وهو وجه حسن. ويقال فى هذا المعنى : نحن سلّم لأن التسليم لا يكون من قوم عدوّ. وقوله :(فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) أن فى موضع نصب توقع «٤» (لبث) عليها، كأنّك قلت : فما أبطأ عن مجيئه بعجل : فلمّا ألقيت الصفة وقع الفعل عليها. وقد تكون رفعا تجعل لبث فعلا لأن كأنك قلت فما أبطأ مجيئه «٥» بعجل حنيذ : والحنيذ : ما حفرت له فى الأرض ثم غممته. وهو من فعل أهل البادية معروف. وهو محنوذ فى الأصل «٦» فقيل : حنيذ، كما قيل : طبيخ للمطبوخ، وقتيل للمقتول.
وقوله : فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ [٧٠] أي إلى الطعام. وذلك أنها كانت

(١) إيه : طلب للحديث. واكتل الغمام : تبسم وهو تكشفه بضوء البرق
(٢) أميرها : الذي له عليها الولاية والأمر يريد زوجها، ومؤها : إشارتها
(٣) ش :«الأخرى» أي الكلمة الأخيرة
(٤) ا :«بوقوع»
(٥) فى الأصول :«عن مجيئه» وهو سهو من الناسخ
(٦) ش :«الأرض»


الصفحة التالية
Icon