معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢١٨
لكان وجها جيّدا من القراءة. ويكون «١» قوله (يَدْعُوا) التي بعد (الْبَعِيدُ) مكرورة على قوله (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ) يدعو مكرّرة، كما تقول : يدعو يدعو دائبا، فهذا قوّه لمن نضب اللام ولم يوقع (يدعو) على (من) والضّلال البعيد الطويل.
وقوله : مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ [١٥] جزاء جوابه فى قوله (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ) والهاء فى (قوله «٢») (يَنْصُرَهُ اللَّهُ) للنبىّ صلّى اللّه عليه وسلم. أي من كان منكم يظنّ أن اللّه لن ينصر محمدا بالغلبة حتى يظهر دين اللّه فليجعل فى سماء بيته حبلا ثم ليختنق به «٣» فذلك «٤» قوله (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) اختناقا وفى قراءة عبد اللّه (ثم ليقطعه) يعنى السّبب وهو الحبل : يقول (فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ) إذا فعل ذلك غيظه. و(ما يَغِيظُ) فى موضع نصب :
و قوله : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا [١٧] إلى قوله (وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) ثم قال (إِنَّ اللَّهَ) فجعل فى خبرهم (إنّ) وفى أوّل الكلام (إنّ) وأنت لا تقول فى الكلام : إن أخاك إنّه ذاهب، فجاز ذلك لأنّ المعنى كالجزاء، أي من كان مؤمنا أو على شىء من هذه الأديان ففصل بينهم وحسابهم على اللّه. وربما قالت العرب : إنّ أخاك إن الدّين عليه لكثير، فيجعلون (إنّ) فى خبره إذا كان إنما يرفع باسم مضاف إلى ذكره «٥» كقول الشّاعر «٦» :
إنّ الخليفة إن اللّه سربله سربال ملك به ترجى الخواتيم
و من قال «٧» هذا لم يقل : إنك إنك قائم، ولا يقول : إنّ أباك إنه قائم لأن الأسمين قد اختلفا فحسن رفض الأول، وجعل الثاني كأنه هو المبتدأ فحسن للاختلاف وقبح للاتّفاق.
(٢) ا :«أن لن ينصره».
(٣) سقط في ا.
(٤) ش، ب :«كذلك».
(٥) أي الضمير العائد عليه.
(٦) هو جرير من قصيدة يمدح بها بنى مروان والرواية فى الديوان ٤٣١ (طبع بيروت) :
يكفى الخليفة أن اللّه سربله
(٧) ا :«ذلك».