معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٢٢
(سَواءً مَحْياهُمْ
«١» مَماتُهُمْ) فقد نصبها الأعمش وحده، ورفعها سائر القراء. فمن نصب «٢» أوقع عليه (جَعَلْناهُ) ومن رفع جعل الفعل واقعا على الهاء واللام التي فى الناس، ثم استأنف فقال :
(سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) ومن شأن العرب أن يستأنفوا بسواء إذا جاءت بعد حرف قد تمّ به الكلام فيقولون : مررت برجل سواء عنده الخير والشرّ. والخفض جائز. وإنما اختاروا الرفع لأن (سَواءً) فى مذهب واحد، كأنك قلت : مررت على رجل واحد عنده الخير والشرّ. ومن خفض أراد : معتدل عنده الخير الشرّ. ولا يقولون : مررت على رجل معتدل عنده الخير والشر لأنّ (معتدل) فعل مصرّح، وسواء فى مذهب مصدر. فإخراجهم «٣» إيّاه إلى الفعل كإخراجهم مررت برجل حسبك من رجل إلى الفعل.
وقوله :(وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) دخلت الباء فى (إلحاد) لأن تأويله : ومن يرد بأن يلحد فيه بظلم. ودخول الباء فى (أن) أسهل منه فى الإلحاد وما أشبهه لأن (أن) تضمر الخوافض معها كثيرا، وتكون كالشرط فاحتملت دخول الخافض وخروجه لأن الإعراب لا يتبيّن فيها، وقلّ فى المصادر لتبيّن الرفع والخفض فيها «٤». أنشدنى أبو الجرّاح :
فلمّا رجت بالشّرب هزلها العصا شحيح له عند الإزاء نهيم «٥»
(قال الفراء «٦» : نهيم من الصّوت). وقال امرؤ القيس :
ألا هل أتاها والحوادث جمّة بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا «٧»
(٢) أي سواء هنا، وقد علمت أنه حفص.
(٣) ا :«و إخراجهم».
(٤) سقط فى ا.
(٥) الإزاء : مصب الحوض. والنهيم : صوت توعد وزجر.
(٦) سقط فى ا.
(٧) بيقر : هاجر من أرض إلى أرض، وبيقر : خرج إلى حيث لا بدري، وبيقر : نزل الحضر وأقام هناك وترك قومه بالبادية وخص بعضهم به العراق وكلام امرئ القيس يحتمل جميع ذلك كما فى اللسان.