معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٢٩
قال قائل. كيف انصرف من العذاب إلى أن قال :(وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ) فالجواب في ذلك أنهم استعجلوا العذاب فى الدنيا فأنزل اللّه على نبيّه (وَ لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ) أي فى أن ينزل بهم العذاب فى الدنيا. فقوله (وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ) من عذابهم أيضا. فهو متّفق : أنهم يعذّبون فى الدنيا والآخرة أشدّ.
وقوله : مُعاجِزِينَ [٥١] قراءة العوامّ (معاجزين) ومعنى معاجزين معاندين ودخول (فى) كما تقول : سعيت فى أمرك وأنت تريد : أردت بك خيرا أو شرا. وقرأ مجاهد «١» وعبد اللّه بن الزبير (معجّزين) يقول : مثبّطين.
وقوله : وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا [٥٢] فالرسول النبىّ المرسل، والنبي :
المحدّث «٢» الذي لم يرسل.
وقوله (إِلَّا إِذا تَمَنَّى) التمنّى : التلاوة، وحديث النفس أيضا.
وقوله : فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً [٦٣] رفعت (فَتُصْبِحُ) لأنّ المعنى فى (أَ لَمْ تَرَ) معناه خبر كأنك قلت فى الكلام : اعلم أنّ اللّه ينزل من السّماء ماء فتصبح الأرض. وهو مثل قول الشاعر «٣» :
ألم تسأل الربع القديم فينطق فهل تخبرنك اليوم بيداء سملق
أي قد سألته فنطق. ولو جعلته استفهاما وجعلت الفاء شرطا لنصبت : كما قال الآخر :
ألم تسأل فتخبرك الديارا عن الحىّ المضلّل حيث سارا «٤»
و الجزم فى هذا البيت جائز كما قال :
فقلت له صوّب ولا تجهدنّه فيذرك من أخرى العطاة فتزلق «٥»

(١) هى قراءة ابن كثير وأبى عمرو.
(٢) المحدث. الملهم الذي يلقى فى نفسه الشيء فيخبر به.
(٣) هو جميل وفى ا :«و هل يخبرنك». والسملق القاع الأملس لا شجر فيه.
(٤) ا :«حيث صارا».
(٥) سبق فيما سبق.


الصفحة التالية
Icon