معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٣٣
رأيت ذوى الحاجات حول بيوتهم قطينا لهم حتّي إذا أنبت البقل «١»
(ونبت) «٢» وهو كقولك : مطرت السماء وأمطرت. وقد قرأ أهل «٣» الحجاز. (فَأَسْرِ «٤» بِأَهْلِكَ) موصولة من سريت. وقراءتنا (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) (من أسريت) وقال اللّه (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا) (وهو «٥» أجود) وفى قراءة عبد اللّه (تخرج الدهن).
وقوله :(وَ صِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) يقول :(الآكلون يصطبغون «٦» بالزيت. ولو كان (وصبغا) على (وصبغا أنبتناه) فيكون. بمنزلة قوله (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً «٧»). وذلك أن الصّبغ هو الزيت بعينه. ولو كان خلافه لكان خفضا لا يجوز غيره. فمن ذلك أن تقول : مررت بعبد اللّه ورجلا ما شئت من رجل، إذا جعلت الرجل من صفة عبد اللّه نصبته. وإن كان خلافه خفضته لأنك تريد : مررت بعبد اللّه وآخر.
وقرأ أهل «٨» الحجاز (سيناء) بكسر السّين والمدّ، وقرأ عاصم وغيره (سيناء) ممدودة مفتوحة السّين. والشجرة منصوبة بالردّ على الجنات، ولو كانت مرفوعة إذ لم يصحبها الفعل كان صوابا، كمن قرأ (وَ حُورٌ عِينٌ «٩») أنشدنى بعضهم :

(١) من قصيدة فى مدح هرم بن سنان وقومه. وقبله :
إذا السنة الشهباء بالناس أجحفت وقال كرام المال فى السنة الأكل
و الشهباء : البيضاء من الجدب لكثرة الثلج ليس فيها نبات. والقطين : الساكن النازل فى الدار، يكون للواحد والجمع كما فى البيت. يقول : إن ذوى الحاجات يقصدونهم فى زمن الجدب، حتى يأتى الربيع وينبت البقل.
(٢) هذه رواية فى البيت وقد سقط هذا فى ش.
(٣) هم نافع وابن كثير وأبو جعفر.
(٤) الآية ٦٥ سورة الحجر.
(٥) سقط فى ش، ب.
(٦) أي يتخذونه إداما. والصبغ : الإدام المائع كالخل والزيت.
(٧) الآيتان ٦، ٧ سورة الصافات.
(٨) هم نافع وابن كثير وأبو جعفر. وقرأ بالكسر أيضا أبو عمرو البصري.
(٩) الآية ٢٢ سورة الواقعة. يريد المؤلف أن التقدير : ولهم حور عين. وهو وجه فى الآية. والرفع قراءة حمزة والكسائي وأبى جعفر. وقرأ الباقون بالجر.


الصفحة التالية
Icon