معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٤٢
ما وصف اللّه به نفسه من قوله (وقد خلقناك «١» من قبل) فى غير مكان من القرآن. فجرى هذا على ذلك.
وقوله : وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ [١٠٠] البرزخ من يوم يموت إلى يوم يبعث. وقوله (وَ جَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) يقول حاجزا. والحاجز والمهلة متقاربان فى المعنى، وذلك أنك تقول : بينهما حاجز أن يتزاورا، فتنوى بالحاجز المسافة البعيدة، وتنوى الأمر المانع، مثل اليمين والعداوة. فصار المانع فى المسافة كالمانع فى الحوادث، فوقع عليهما البرزخ.
وقوله : قالُوا رَبَّنا «٢» غَلَبَتْ عَلَيْنا شقاوتنا [١٠٦] حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى شريك عن أبى إسحاق (وقيس «٣») عن أبى إسحاق، وزهير ابن معاوية أبو خيثمة الجعفىّ عن أبى إسحاق عن عبد اللّه بن مسعود أنه قرأ (شقاوتنا «٤») بألف وفتح الشين. قيل للفراء أأخبرك زهير؟ فقال :
يا هؤلاء إنى لم أسمع «٥» من زهير شيئا. وقرأ أهل المدينة وعاصم (شِقْوَتُنا) وهى كثيرة.
أنشدنى أبو ثروان :
كلّف من عنائه وشقوته بنت ثمانى عشرة من حجّته «٦»
قال الفراء : لو لا عبد اللّه ما قرأتها إلا (شِقْوَتُنا).

(١) الآية ٩ سورة مريم. وقد أورد المؤلف قراءة حمزة والكسائي وقد وافقهما الأعمش. أما الباقون فقراءتهم «خلقتك». وقوله :«فى غير مكان من القرآن» فكأنه يريد لفظ (خلقنا) فهو الذي يتكرر في القرآن واقعا على الإنسان أو على غيره.
(٢) الآية ١٠٦ سورة المؤمنون
(٣) ا :«قال الفراء : وحدثنا قيس». وهذه أسانيد عن أبى إسحاق. والظاهر أنه السبيحى عمرو بن عبد اللّه من التابعين. وكانت وفاته سنة ١٢٧ كما فى الخلاصة
(٤) هذه قراءة حمزة والكسائي وخلف وافقهم الحسن والأعمش. والباقون (شِقْوَتُنا) بكسر الشين وإسكان القاف بلا ألف
(٥) كانه يستجيز فى (حدثنى) أن يكون الحديث بالواسطة
(٦) يرد هذا الرجز فى كتب النحو فى مبحث العدد. وفي العيني أنه قيل إن قائله نفيع بن طارق. وقوله. «من حجته» ففى كتابة يس على التصريح ما يفيد أن المراد : فى حجته أي أنه علقها حين كان فى الحج


الصفحة التالية
Icon