معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٥٠
و قوله (أَوْ نِسائِهِنَّ) يقول : نساء أهل دينهنّ. يقول : لا بأس أن تنظر المسلمة إلى جسد المسلمة. ولا تنظر إليها يهوديّة ولا نصرانيّة.
ورخّص أن يرى ذلك من لم يكن له فى النساء أرب، مثل الشيخ الكبير والصبىّ الصغير الذي لم يدرك، والعنّين. وذلك قوله (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) : التبّاع والاجراء (قال الفراء يقال إرب وأرب).
وقوله (لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) لم يبلغوا أن يطيقوا النساء. وهو كما تقول : ظهرت على القرآن أي أخذته وأطقته. وكما تقول للرجل : صارع فلان فلانا وظهر عليه أي أطاقه وغالبه.
وقوله (وَ لا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) يقول : لا تضربنّ رجلها بالأخرى فيسمع صوت الخلخال. فذلك قوله (لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ) وفى قراءة عبد اللّه (لِيُعْلَمَ ما سرّ «١» ١٢٧ ب مِنْ زِينَتِهِنَّ).
وأمّا قوله (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) فإنه يخفض «٢» لأنه نعت للتابعين، وليسوا بموقّتين «٣» فلذلك صلحت (غير) نعتا لهم وإن كانوا معرفة. والنصب جائز قد قرأ به عاصم «٤» وغير عاصم. ومثله (لا يَسْتَوِي «٥» الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) والنصب فيهما جميعا على القطع «٦» لأن (غير) نكرة. وإن شئت جعلته على الاستثناء فتوضع «٧» (إلا) فى موضع (غير) فيصلح.
والوجه الأول أجود.
(٢) الخفض لغير ابن عامر وأبى بكر عن عاصم وأبى جعفر، أما هؤلاء فقراءتهم النصب.
(٣) أي بمعينين.
(٤) أي فى رواية أبى بكر. أما فى رواية حفص فالخفض، كما علم آنفا.
(٥) الآية ٩٥ سورة النساء. قرأ بالرفع ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة ويعقوب. وقرأ الباقون بالنصب.
(٦) يريد الحال.
(٧) أ، ب :«فتضع».