معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٥٣
و قوله (شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) وهى شجرة الزيت تنبت على تلعة «١» من الأرض، فلا يسترها عن الشمس شىء. وهو أجود لزيتها فيما ذكر. والشرقيّة : التي تأخذها الشمس إذا شرقت، ولا تصيبها إذا غربت لأن لها سترا. والغربية التي تصيبها الشمس بالعشيّ ولا تصيبها بالغداة، فلذلك قال لا شرقيّة وحدها ولا غربيّة وحدها ولكنها شرقية غربية ١٢٨ ا. وهو كما تقول فى الكلام : فلان لا مسافر ولا مقيم إذا كان يسافر ويقيم، معناه : أنه ليس بمنفرد بإقامة ولا بسفر.
وقوله (وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) انقطع الكلام هاهنا ثم استأنف فقال (نُورٌ عَلى نُورٍ) ولو كان :
نورا على نور كان صوابا تخرجه من الأسماء المضمرة من الزجاجة والمصباح.
وقوله : يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ [٣٦] قرأ الناس «٢» بكسر الباء. وقرأ عاصم (يُسَبِّحُ) بفتح الباء. فمن قال (يُسَبِّحُ) رفع الرجال بنيّة فعل مجدّد. كأنه قال يسبّح له رجال لا تلهيهم تجارة.
ومن قال (يُسَبِّحُ) بالكسر جعله فعلا للرجال ولم يضمر سواه.
وقوله : لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ [٢٧] فالتجارة لأهل الجلب، والبيع ما باعه الرجل على يديه.
كذا جاء فى التفسير «٣».
وقوله (تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) يقول : من كان فى دنياه شاكأ أبصر ذلك فى أمر آخرته، ومن كان لا يشكّ ازداد قلبه بصرا لأنه لم يره فى دنياه : فذلك تقلّبها.
وأمّا قوله : فى بيوت أذن اللّه أن ترفع [٣٦].
فإن دخول (فى) لذكر «٤» المصباح الذي وصفه فقال : كمثل مصباح فى مسجد. ولو جعلت (فى)

(١) التلعة هنا : ما ارتفع من الأرض.
(٢) هم غير ابن عامر وأبى بكر. أما هما فقراءتهما بالفتح. وقراءة أبى بكر هى المرادة بقوله :«و قرأه عاصم».
(٣) سقط فى ا.
(٤) ش، ب :«لذكره».


الصفحة التالية
Icon