معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٥٧
و الجبال برد. وكذا سمعت تفسيره. وقد يكون فى العربيّة أمثال الجبال ومقاديرها من البرد، كما نقول : عندى بيتان تبنا، والبيتان ليسا من التبن، إنما تريد : عندى «١» قدر بيتين من التبن. فمن فى هذا الموضع إذا أسقطت نصبت ما بعدها، كما قال (أَوْ عَدْلُ «٢» ذلِكَ صِياماً) وكما قال (مِلْ ءُ «٣» الْأَرْضِ ذَهَباً).
وقوله (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) وقد قرأها أبو جعفر (يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) ١٢٩ ا وقوله : واللّه خالق كلّ دابّة [٤٥] و(خلق «٤») وأصحاب عبد اللّه قرأوا (خالق) ذكر عن أبى إسحاق السّبيعىّ - قال الفراء : وهو الهمداني - أنه قال : صليت إلى جنب عبد اللّه بن معقل فسمعته يقول (واللّه خالق كلّ دابّة) والعوامّ بعد (خَلَقَ كُلَّ).
وقوله (كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) يقال : كيف قال (مَنْ يَمْشِي) وإنما تكون (من) للناس وقد جعلها هاهنا للبهائم؟
قلت : لمّا قال (خالق كل دابّة) فدخل فيهم الناس كنى عنهم فقال (منهم) لمخالطتهم الناس، ثم فسّرهم بمن لمّا كنى عنهم كناية الناس خاصّة، وأنت قائل فى الكلام : من هذان المقبلان لرجل ودابّته، أو رجل وبعيره. فتقوله بمن وبما لاختلاطهما، ألا ترى أنك تقول : الرجل وأباعره مقبلون فكأنهم «٥» ناس إذا قلت : مقبلون.
وقوله : مُذْعِنِينَ [٤٩] : مطيعين غير مستكرهين. يقال : قد أذعن بحقّى وأمعن به واحد، أي أقرّ به طائعا.
وقوله عزّ وجلّ : أم يخافون أن يحيف اللّه عليهم ورسوله [٥٠] فجعل الحيف منسوبا إلى اللّه

(١) ش :«قدر بيتبن».
(٢) الآية ٩٥ سورة المائدة. [.....]
(٣) الآية ٩١ سورة آل عمران.
(٤) قراءة (خالق) لحمزة والكسائي وخلف. وقراءة (خلق) للباقين.
(٥) ا :«كأنهم».


الصفحة التالية
Icon