معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٨٧
و قوله : إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ [٩] هذه الهاء هاء «١» عماد. وهو اسم لا يظهر. وقد فسّر. وقوله :[كَأَنَّها جَانٌّ [١٠]] الجانّ : الحيّة : التي ليست بالعظيمة ولا الصغيرة. وقوله :(وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) :
لم يلتفت.
وقوله :(إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) ثم استثنى فقال :(إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) ثم بدّل حسنا بعد سوء) [١١] فهذا مغفور له. فيقول القائل. كيف صيّر خائفا؟ قلت : فى هذه وجهان : أحدهما أن تقول :
إن الرّسل معصومة مغفور لها آمنة يوم القيامة. ومن خلط عملا صالحا وآخر سيّئا فهو يخاف ويرجو :
فهذا وجه. والآخر أن تجعل الاستثناء من الذين تركوا فى الكلمة لأنّ المعنى : لا يخاف المرسلون إنما الخوف على غيرهم.
ثم استثنى فقال : إلّا من ظلم فإنّ هذا لا يخاف يقول : كان مشركا فتاب وعمل حسنا فذلك مغفور له ليس بخائف.
وقد قال بعض النحويّين : إن (إلا) فى اللغة بمنزلة الواو، وإنما معنى هذه الآية : لا يخاف لدىّ المرسلون ولا من ظلم ثم بدّل حسنا. وجعلوا مثله قول «٢» اللّه :(لِئَلَّا يَكُونَ «٣» لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي ولا الذين ظلموا. ولم أجد العربيّة تحتمل ما قالوا، لأنى لا أجيز قام الناس إلا عبد اللّه، وهو قائم إنما الاستثناء أن يخرج الاسم الذي بعد إلّا من معنى الأسماء قبل إلّا. وقد أراه جائزا أن تقول : عليك ألف سوى ألف آخر، فإن وضعت (إلّا) فى هذا الموضع صلحت وكانت (إلّا) فى تأويل ما قالوا. فأمّا مجرّدة ١٣٥ ب قد استثنى قليلها من كثيرها فلا. ولكن مثله ممّا يكون فى معنى إلّا كمعنى الواو وليست بها.

(١) هو المعروف عند البصريين بضمير الشأن.
(٢) ش :«فى قول». [.....]
(٣) الآية ١٥٠ سورة البقرة.


الصفحة التالية
Icon