معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٩١
و قوله (يُخْرِجُ الْخَبْ ءَ) مهموز. وهو الغيب غيب السّموات وغيب الأرض. ويقال : هو الماء الذي ينزل من السّماء والنبت من الأرض وهى فى قراءة عبد اللّه (يخرج الخبء من السّموات) وصلحت (فى) مكان (من) لأنك تقول : لأستخرجنّ العلم الذي فيكم منكم، ثم تحذف أيّهما شئت أعنى (من) و(فى) فيكون المعنى قائما على حاله.
وقوله : ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ [٢٨] يقول القائل : كيف أمره أن يتولّى عنهم وقد قال (فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) وذلك فى العربيّة بيّن أنه استحثّه فقال : اذهب بكتابي هذا وعجّل ثم أخّر (فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) ومعناها التقديم. ويقال : إنه أمر الهدهد أن يلقى الكتاب ثم يتوارى عنها ففعل : ألقى الكتاب وطار إلى كوّة فى مجلسها. واللّه أعلم بصواب ذلك.
وقوله : إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ [٢٩] جعلته كريما لأنه كان مختوما، كذلك حدّثت.
ويقال : وصفت الكتاب بالكرم لقومها لأنّها رأت كتاب ملك عندها فجعلته كريما لكرم صاحبه.
ويقال : إنها قالت (كَرِيمٌ) قبل أن تعلم أنه من سليمان. وما يعجبنى ذلك لأنها كانت قارئة قد قرأت الكتاب قبل أن تخرج إلى ملئها.
وقوله : إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [٣٠] مكسورتان أعنى إنّ وإنّ. ولو فتحتا جميعا كان جائزا، على قولك : ألقى إلىّ أنه من سليمان وأنّه بسم اللّه الرحمن الرحيم فموضعهما رفع على التكرير على الكتاب : ألقى إلىّ أنه من سليمان وإن شئت كانتا فى موضع نصب لسقوط الخافض منهما. وهى فى قراءة أبىّ (وأن بسم اللّه الرحمن الرحيم) ففى ذلك حجّة لمن فتحهما لأنّ (أن) إذا فتحت ألقها مع الفعل أو ما يحكى لم تكن إلّا مخفّفة النون.
وأما قوله : أَلَّا تَعْلُوا [٣١] فألفها مفتوحة لا يجوز كسرها. وهى فى موضع رفع إذا كررتها على (أُلْقِيَ) ونصب على : ألقى إلىّ الكتاب بذا، وألقيت الباء فنصبت. وهى فى قراءة عبد اللّه (وإنه من سليمان وإنه بسم اللّه الرحمن الرحيم) فهذا يدلّ على الكسر لأنها معطوفة على : إنى ألقى