معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٩٦
و قوله : قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ [٤٩] وهى فى قراءة عبد اللّه (تَقاسَمُوا بِاللَّهِ) ليس فيها (قالوا).
وقوله :(لَنُبَيِّتَنَّهُ) التاء والنون والياء كلّ قد قرىء به فمن قال (تَقاسَمُوا) فجعل (تَقاسَمُوا) خبرا فكأنه قال : قالوا متقاسمين : لنبيّتنّه بالنون. ثم يجوز الياء على هذا المعنى فتقول : قالوا ليبيتنّه بالياء، كما تقول : قالوا لنقومنّ وليقومنّ. ومن قال : تقاسموا فجعلها فى موضع جزم فكأنه قال : تحالفوا وأقسموا لتبيّتنه بالتاء والنون تجوز من هذا الوجه لأن الذي قال لهم تقاسموا معهم فى الفعل داخل، وإن كان قد أمرهم ألا ترى أنك تقول : قوموا نذهب إلى فلان، لأنه أمرهم وهو معهم فى الفعل. فالنون أعجب الوجوه إلىّ، وإنّ الكسائىّ يقرأ بالتاء، والعوامّ على النون.
وهى فى قراءة عبد اللّه (تَقاسَمُوا) (ثم لنقسمنّ ما شهدنا مهلك أهله) وقد قال اللّه (تَعالَوْا «١» نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) لأنهم دعوهم ليفعلوا جميعا ما دعوا إليه. وقرأها أهل المدينة وعاصم والحسن بالنون، وأصحاب عبد اللّه بالتّاء. حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى سفيان ابن عيينة عن حميد الأعرج عن مجاهد أنه قرأ (ليبيّتنّه) بالياء.
وقوله : فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ [٥١] تقرأ بالكسر «٢» على الاستئناف مثل قوله :(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ «٣» إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ) يستأنف وهو يفسّر به ما قبله وإن ردّه على إعراب ما قبله قال (أنّا) بالفتح «٤» فتكون (أنّا) فى موضع رفع، تجعلها تابعة للعاقبة.
وإن شئت جعلتها نصبا من جهتين : إحداهما أن تردّها على موضع (كيف) والأخرى أن تكرّ «٥» (كان) كأنّك قلت : كان عاقبة مكرهم تدميرنا إيّاهم. وإن شئت جعلتها كلمة واحدة فجعلت (أنّا) فى موضع نصب كأنك قلت : فانظر كيف كان عاقبة مكرهم تدميرنا إياهم. وقوله : وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ تعلمون أنها فاحشة.

(١) الآية ٦٤ سورة آل عمران.
(٢) الفتح لعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف وافقهم الأعمش والحسن. والباقون بكسرها.
(٣) الآيتان ٢٤، ٢٥ سورة عبس. والكسر لغير عاصم وحمزة والكسائي وخلف أما هؤلاء فقرءوا بالكسر
(٤) الآيتان ٢٤، ٢٥ سورة عبس. والكسر لغير عاصم وحمزة والكسائي وخلف أما هؤلاء فقرءوا بالكسر
(٥) أي تنوى تكرارها


الصفحة التالية
Icon