معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٠١
و ذلك أنه فى المعنى : وإذا نفخ فى الصّور ففزع ألا ترى أن قولك. أقوم يوم تقوم كقولك : أقوم إذا تقوم، فأجيبت بفعل، لأن فعل ويفعل تصلحان مع إذا. فإن قلت فأين جواب قوله (ويوم ينفخ فى الصّور)؟ قلت : قد يكون فى فعل مضمر مع الواو كأنه قال : وذلك يوم ينفخ فى الصور.
وإن شئت قلت : جوابه متروك كما قال (وَ لَوْ تَرى «١» إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ).
وقوله (وَ لَوْ يَرَى «٢» الَّذِينَ ظَلَمُوا) [٨٧] قد ترك جوابه. واللّه أعلم.
وقوله (وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) القرّاء على تطويل الألف يريدون : فاعلوه. وقصرها «٣» حمزة حدّثنا أبو العبّاس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء حدثنى عدة منهم المفضل الضبي وقيس وأبو بكر كلهم عن جحش بن زياد الضبىّ عن تميم بن حذلم قال : قرأت على عبد اللّه بن مسعود (وكلّ آتوه داخرين) بتطويل الألف. فقال (وَ كُلٌّ أَتَوْهُ) بغير تطويل الألف وهو وجه حسن مردود على قوله (فَفَزِعَ) كما تقول فى الكلام : رآنى ففرّ وعاد وهو صاغر. فكان ردّ فعل على مثلها أعجب إلىّ مع قراءة عبد اللّه. حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال وحدثنى عبد اللّه بن إدريس عن الأعمش عن تميم عن عبد اللّه بمثل حديث أبى بكر وأصحابه.
وقوله : وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ [٨٩] قراءة القراء بالإضافة. فقالوا (وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ) و(يَوْمَئِذٍ) وقرأ عبد اللّه بن مسعود فى إسناد بعضهم بعض الذي حدثتك (مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ) قرأها عليهم تميم هكذا (وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ) فأخذها بالتنوين والنصب. والإضافة أعجب إلىّ وإن كنت أقرأ بالنصب لأنه فزع معلوم، ألا ترى أنه قال (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) فصيّره ١٣٩ ا معرفة. فأن أضيفه فيكون معرفة أعجب إلىّ. وهو صواب.
وقوله : وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ [٩٢] وفى إحدى القراءتين (وأن اتل) بغير واو مجزومة على جهة
(٢) الآية ١٦٥ سورة البقرة.
(٣) وكذا حفص وخلف، وافقهم الأعمش.