معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٠٣
و قوله :(وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ) يعنى بنى إسرائيل. فهذا وجه «١». ويجوز أن يكون هذا من قول اللّه. وهم لا يشعرون بأن موسى هو الذي يسلبهم ملكهم.
وقوله : وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [١٠] قد فرغ لهمّه، فليس يخلط همّ موسى شىء وقوله (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) يعنى باسم موسى أنه ابنها وذلك أن صدرها ضاق بقول آل فرعون : هو ابن فرعون، فكادت تبدى [به ] أي تظهره. وفى قراءة عبد اللّه (إن كادت لتشعر به) وحدّثنا أبو العبّاس قال حدّثنا محمد قال حدثنا الفرّاء قال : حدّثنى ابن أبى يحيى بإسناد له أن فضالة بن عبيد الأنصارىّ من أصحاب النبىّ عليه السّلام قرأ (وأصبح فؤاد أمّ موسى فزعا «٢») من الفزع.
وقوله : وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ [١١] قصّى أثره. (فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ). يقول : كانت على شاطىء البحر حتّى رأت آل فرعون قد التقطوه. وقوله (وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ) يعنى آل فرعون لا يشعرون بأخته.
وقوله : وحرّمنا عليه المراضع يقول : منعناه من قبول ثدى إلّا ثدى أمّه.
وقوله : وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ [١٥] وإنما قال (على) ولم يقل : ودخل المدينة حين غفلة، وأنت تقول : دخلت المدينة حين غفل أهلها، ولا تقول : دخلتها على حين غفل أهلها. وذلك أنّ الغفلة كانت تجزئ من الحين، ألا ترى أنك تقول : دخلت على غفلة وجئت على غفلة، فلمّا كان (حين) كالفضل فى الكلام، والمعنى : فى غفلة أدخلت فيه (على) ولو لم تكن كان صوابا. ومثله قول اللّه (عَلى فَتْرَةٍ «٣» مِنَ الرُّسُلِ) ولو كان على حين فترة من الرسل لكان بمنزلة هذا. ومثله قوله العجير :
..... ومن يكن فتى عام عام الماء فهو كبير «٤»

(١) ا، ب :«وجهه»
(٢) في الطبري :«فازعا»
(٣) الآية ١٩ سورة المائدة
(٤) البيت بتمامه - كما فى اللسان - :
رأتنى ت «قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ»
(٣) ا :«و تدعونى»
(٤) هو كثير كما فى معجم البلدان (مدين). والعصم جمع الأعصم وهو الوعل. والعقول جمع عقل وهو الملجأ.
وشعف العقول رءوسها وأعاليها. والفادر : الوعل المسن أو الشاب. وكأنه من صفة العصم فيكون مرفوعا. وقد جاء صفة للجمع لما كان الجمع على زنة المفرد.
(٥) أي مهتديا


الصفحة التالية
Icon