معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٣٥
و (لا تصاعر) اللهمّ لا تراءبى «١»، وترأبّى. وقد قرأ بذلك قوم فقالوا :(يراءون «٢») و(يرءّون) مثل يرعّون. وقد قرأ بعضهم (تظاهرون) وهو وجه جيّد لا أعرف «٣» إسناده.
قوله :(وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ).
كان أهل الجاهليّة إذا أعجب أحدهم جلد الرجل وظرفه ضمّه إلى نفسه، وجعل له مثل نصيب ذكر من ولده من ميراثه. وكانوا ينسبون إليهم، فيقال : فلان بن فلان للذى أقطعه إليه. فقال اللّه (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ). وهو باطل (وَ اللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ) غير ما قلتم.
ثم أمرهم فقال : ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ [٥] أي انسبوهم إلى آبائهم. وقوله (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ) فانسبوهم إلى «٤» نسبة مواليكم الذين لا تعرفون آباءهم : فلان بن عبد اللّه، بن عبد الرحمن ونحوه.
وقوله :(وَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) فيما لم تقصدوا له من الخطأ، إنما الإثم فيما تعمّدتم. وقوله (وَ لكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) (ما) فى موضع خفض مردودة على (ما) التي مع الخطأ.
وقوله :(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) وفى قراءة عبد اللّه أو أبىّ (النبىّ أولي بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم)، وكذلك كلّ نبىّ. وجرى ذلك لأن المسلمين كانوا متواخين «٥»، وكان الرجل إذا مات عن أخيه الذي آخاه ورثه «٦» دون عصبته وقرابته فأنزل اللّه (النَّبِيُّ أَوْلى ) من المسلمين بهذه المنزلة، وليس يرثهم، فكيف يرث المؤاخي أخاه! وأنزل (وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) فى الميراث (فِي كِتابِ اللَّهِ) أي ذلك فى اللوح المحفوظ عند اللّه.
وقوله (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ). إن شئت جعلت (من) دخلت ل (أولى) بعضهم أولى ببعض
(٢) الآية ١٤٣ سورة النساء والآية ٦ سورة الماعون.
(٣) قرأ بذلك حمزة والكسائي وخلف. [.....]
(٤) كذا. والأولى حذف هذا الحرف.
(٥) أصله :«متآخيين» فسهل الهمزة.
(٦) أي ورثه أخوه. وقد يكون «ورثه» من التوريث فيكون الفعل للميت.