معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٤٩
أنزل اللّه هذه الآية، فتكلّم فى ذلك بعض الناس، وقال : أننهى أن ندخل على بنات عمّنا إلّا بإذن، أو من وراء حجاب. لئن مات محمد لأتزوّجنّ بعضهنّ. فقام «١» الآباء أبو بكر وذووه، فقالوا :
يا رسول اللّه، ونحن أيضا لا ندخل عليهنّ إلّا بإذن، ولا نسألهنّ الحوائج إلّا من وراء حجاب، فأنزل اللّه (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ) «٢» إلى آخر الآية. وأنزل فى التزويج (وَ ما كانَ «٣» لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً).
وقوله : وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا [٥٨] نزلت فى أهل الفسق والفجور، وكانوا يتّبعون الإماء بالمدينة فيفجرون بهنّ، فكان المسلمون فى الأخبية لم يبنوا ولم يستقرّوا. وكانت المرأة من نساء المسلمين تتبرّز للحاجة، فيعرض لها بعض الفجّار يرى أنها أمة، فتصيح به، فيذهب. وكان الزّىّ واحدا فأمر النبىّ عليه السلام (قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ «٤») والجلباب : الرداء.
حدّثنا أبو العبّاس قال حدثنا محمد قال : حدّثنا الفرّاء، قال حدّثنى يحيى بن المهلّب أبو كدينة عن ابن عون عن ابن سيرين فى قوله : يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ [٥٩].
هكذا : قال تغطّى إحدى عينيها وجبهتها والشّقّ الآخر، إلّا العين.
وقوله : لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ [٦٠] المرجفون كانوا من المسلمين. وكان المؤلّفة قلوبهم يرجفون بأهل الصّفّة. كانوا يشنّعون على أهل الصّفّة أنهم هم الذين يتناولون النساء لأنهم عزّاب. وقوله (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) أي لنسلّطنّك عليهم، ولنولعنّك بهم.
وقوله : مَلْعُونِينَ [٦١] منصوبة على الشتم، وعلى الفعل أي لا يجاورونك فيها إلّا ملعونين.

(١) كذا. والأولى : وقام.
(٢) فى الآية ٥٥ سورة الأحزاب.
(٣) في الآية ٥٣ سورة الأحزاب.
(٤) فى الآية ٥٩ سورة الأحزاب. [.....]


الصفحة التالية
Icon