معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٦٢
بعضهم :(ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) فلم يدروا، ولكنهم قالوا : قال الحقّ. ولو قرئ (الحقّ) بالرفع أي هو الحقّ كان صوابا. ومن نصب أوقع عليه القول : قالوا قال الحقّ.
وقوله : وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً [٢٤] قال المفسّرون معناه : وإنا لعلى هدى وأنتم فى ضلال مبين، معنى (أو) معنى الواو عندهم. وكذلك هو فى المعنى. غير أن العربيّة على غير ذلك : لا تكون (أو) بمنزلة الواو. ولكنها تكون فى الأمر المففعل إلى الليل والنهار، وهو فى المعنى للآدميّين، كما تقول : نام ليلك وعزم الأمر، إنما عزمه القوم. فهذا مما يعرف معناه فتتّسع به العرب.
وقوله : زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ [٣٧] (من) فى موضع نصب بالاستثناء. وإن شئت أوقعت عليها التقريب، أي لا تقرّب الأموال إلّا من كان مطيعا. وإن شئت جعلته رفعا، أي ما هو إلا من آمن.
ومثله (لا يَنْفَعُ «٢» مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) وإن شئت جعلت (من) فى موضع نصب بالاستثناء. وإن شئت نصبا بوقوع ينفع. وإن شئت رفعا فقلت : ما هو إلا من أتى اللّه بقلب سليم.
وقوله :(وَ ما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي) إن شئت جعلت (الّتى) جامعة للأموال والأولاد لأن الأولاد يقع عليها (الّتى) فلما أن كانا جمعا صلح للّتى أن تقع عليهما. ولو قال :
(باللتين) كان وجها صوابا. ولو قال : باللّذين كما تقول : أمّا العسكر والإبل فقد أقبلا. وقد قالت العرب : مرّت بنا غنمان سودان «٣»، فقال : غنمان : ولو قال : غنم لجاز. فهذا شاهد لمن قال (بالتي) ولو وجّهت (التي) إلى الأموال واكتفيت بها من ذكر الأولاد صلح ذلك، كما قال مرّار الأسدى :
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأى مختلف «٤»
و قال الآخر :
إنى ضمنت لمن أتانى ما جنى وأبى وكان وكنت غير غدور «٥»

(١) ش :«مكرهم».
(٢) الآيتان ٨٨، ٨٩ سورة الشعراء.
(٣) جمع أسود. وقد جمع باعتبار الجمع، ولو راعى اللفظ لقال : سوداوان.
(٤) فى كتاب سيبويه ١/ ٣٧ نسبته إلى قيس بن الخطيم.
(٥) فى كتاب سيبويه ١/ ٣٨ نسبته إلى الفرزدق.


الصفحة التالية
Icon