معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٧٦
أنشدنيه بعض بنى سليم (موطّأ) بالرفع، وأنشدنيه الكسائىّ (موطّأ) بالخفض. وأنشدنى آخر :
ألا يا قتيلا ما قتيل بنى حلس إذا ابتلّ أطراف الرماح من الدعس «١»
و لو رفعت النكرة الموصولة بالصّفة كان صوابا. قد قالت العرب :
يا دار غيّرها البلى تغييرا
تريد : يا أيّتها الدار غيّرها. وسمعت أبا الجراح يقول لرجل : أيا مجنون مجنون، إتباع «٢».
وسمعت من العرب : يا مهتمّ بأمرنا لا تهتمّ، يريدون : يا أيّها المهتمّ.
وقوله : أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا [٣١] (كم) فى موضع نصب من مكانين : أحدهما أن توقع (يروا) على (كم) وهى فى قراءة عبد اللّه (أ لم يروا من أهلكنا) فهذا وجه. والآخر أن توقع (أهلكنا) على (كم) وتجعله استفهاما، كما تقول : علمت كم ضربت غلامك. وإذا كان قبل من وأىّ وكم رأيت وما اشتقّ منها، أو العلم وما اشتقّ منه وما أشبه معناهما، جاز أن توقع ما بعدكم وأىّ ومن وأشباهها عليها، كما قال اللّه (لِنَعْلَمَ «٣» أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى ) ألا ترى أنك قد «٤» أبطلت العلم عن وقوعه على أىّ، ورفعت أيّا بأحصى. فكذلك تنصبها بفعل لو وقع عليها.
وقوله (أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ) فتحت ألفها لأن المعنى : ألم يروا أنهم إليهم لا يرجعون. وقد كسرها الحسن البصري، كأنه لم يوقع الرؤية على (كم) فلم يوقعها «٥» على (أنّ) وإن شئت كسرتها على الاستئناف وجعلت كم منصوبة بوقوع يروا عليها.
وقوله : وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ [٣٢] شدّدها الأعمش وعاصم. وقد خفّفها قوم كثير منهم من قرّاء أهل المدينة وبلغني أن عليّا خففها. وهو الوجه لأنها (ما) أدخلت عليها لام تكون جوابا
(٢) سقط فى ا، ب وكأنه يريد أن «مجنون» الآخرة إتباع للأولى.
(٣) الآية ١٢ سورة الكهف. [.....]
(٤) ا :«إذ».
(٥) ا :«توقعها».