معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٨٣
و معنى (لا) كقوله (كَذلِكَ «١» سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) لو كان فى موضع (لا) (أن) صلح ذلك، كما قال (يبيّن «٢» اللّه لكم أن تضلّوا) وكما قال (وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ «٣» رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) «٤» ويصلح فى (لا) على هذا المعنى الجزم. العرب تقول : ربطت الفرس لا ينفلت، وأوثقت عبدى لا يفرر. وأنشدنى «٥» بعض بنى عقيل :
و حتّى رأينا أحسن الودّ بيننا مساكتة لا يقرف الشرّ قارف
و بعضهم يقول : لا يقرف الشرّ والرفع لغة أهل الحجاز. وبذلك جاء القرآن.
وقوله : مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً [٨] بضمّ الدال. ونصبها أبو عبد الرحمن السلمىّ. فمن ضمّها جعلها مصدرا كقولك : دحرته دحورا. ومن فتحها جعلها اسما كأنه قال : يقذفون بداحر وبما يدحر. ولست أشتهيها لأنها لو وجّهت على ذلك على صحّة لكانت فيها الباء كما تقول : يقذفون بالحجارة، ولا نقول يقذفون الحجارة. وهو جائز قال الشاعر :
نغالى اللحم للأضياف نيئا وترخصه إذا نضج القدور «٦»
و الكلام : نغالى باللحم.
وقوله :(عَذابٌ واصِبٌ) (وَ لَهُ الدِّينُ «٧» واصِباً) دائم خالص.

(١) الآيتان ١٢، ١٣ سورة الحجر.
(٢) الآية ١٧٦ سورة النساء.
(٣) الآية ١٥ سورة النحل، والآية ١٠ سورة لقمان.
(٤) سقط هذا الحرف فى ا.
(٥) ا :«أنشد».
(٦) ورد البيت فى اللسان (غلا) وفيه :«القدير» فى مكان «القدور» والقدير ما يطبخ فى القدر، والقدور جمع قدر، وهو هى ما يوضع فيه الطعام فرواية اللسان أجود. وإن كان يراد بنضج القدور نضج ما فيها يريد أنهم يشترون اللحم غاليا، ويبذلون للضيفان إذا نضج عن سماحة لا يحرصون عليه حرصهم على المتاع الغالي النفيس.
(٧) الآية ٥٢ سورة النحل


الصفحة التالية
Icon