معاني القرآن، ج ٢، ص : ٤٠١
و قوله : ذَا الْأَيْدِ [١٧] يريد : ذا القوّة.
وقوله : وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً [١٩] ذكروا أنه كان إذا سبّح أجابته الجبال بالتسبيح، واجتمعت إليه الطير فسبّحت. فذلك حشرها ولو كانت : والطير محشورة بالرفع لمّا لم يظهر الفعل معها كان صوابا.
تكون مثل قوله (خَتَمَ «١» اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) وقال الشاعر :
و رأيتم لمجاشع نعما وبنى أبيه جامل رغب
و لم يقل : جاملا رغبا والمعنى : ورأيتم لهم جاملا رغبا. فلمّا لم يظهر الفعل جاز رفعه.
وقوله : وَشَدَدْنا مُلْكَهُ [٢٠] اجتمعت القراء على تخفيفها ولو قرأ قارئ (وشدّدنا) بالتشديد كان وجها حسنا. ومعنى التشديد أنّ محرابه كان يحرسه ثلاثة وثلاثون ألفا.
وقوله : وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ [٢٠].
قال الفراء : حدّثنى عمرو بن أبى المقدام عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد فى قوله (وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) قال : الشهود والأيمان. وقال بعض المفسّرين : فصل الخطاب أمّا بعد.
وقوله : إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ [٢١] إذ دخلوا [٢٢] قد يجاء بإذ مرّتين، (وقد) «٢» يكون معناهما كالواحد كقولك : ضربتك إذ دخلت علىّ إذ اجترأت، فيكون الدخول هو الاجتراء. ويكون أن تجعل أحدهما «٣» على مذهب لمّا، فكأنّه قال : إذ تسوّروا المحراب لمّا دخلوا. وإن شئت جعلت لمّا فى الأوّل. فإذا كانت لمّا أوّلا وآخرا فهى بعد صاحبتها كما تقول : أعطيته لمّا سألنى. فالسؤال قبل الإعطاء فى تقدّمه وتأخّره.
وقوله :(خَصْمانِ) رفعته بإضمار (نحن خصمان) والعرب تضمر للمتكلّم والمكلّم المخاطب ما يرفع

(١) الآية ٧ سورة البقرة.
(٢) ش، ب :«فقد».
(٣) ا :«إحداهما» وكلاهما جائز باعتبار اللفظ أو الكلمة.


الصفحة التالية
Icon