معاني القرآن، ج ٢، ص : ٤٠٨
قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى محمد بن عبد العزيز التيمىّ عن مغيرة عن إبراهيم أنه قرأ (والّليسع) بالتشديد. وأما قولهم (وَ الْيَسَعَ) فإن العرب لا تدخل على يفعل إذا كان فى معنى فلان ألفا ولاما. يقولون : هذا يسع، وهذا يعمر، وهذا يزيد. فهكذا الفصيح من الكلام. وقد أنشدنى بعضهم :
وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا شديدا بأحناء الخلافة كاهله
فلمّا ذكر الوليد فى أول الكلمة بالألف واللام أتبعه يزيد بالألف واللام وكلّ صواب.
وقوله (وَ ذَا الْكِفْلِ) يقال إنه سمّى ذا الكفل أن مائة من بنى إسرائيل انفلتوا من القتل فآواهم وكفلهم. ويقال : إنه كفل للّه بشىء فوفى به. والكفل فى كلام العرب : الجدّ والحظّ فلو مدح بذلك كان وجها على غير المذهبين الأوّلين.
وقوله : جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ [٥٠] ترفع (الْأَبْوابُ) لأن المعنى : مفتّحة لهم أبوابها.
والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة فيقولون : مررت على رجل حسنة العين قبيح الأنف والمعنى : حسنة عينه قبيح أنفه. ومنه قوله (فَإِنَّ الْجَحِيمَ «١» هِيَ الْمَأْوى ) فالمعنى - واللّه أعلم - :
مأواه. ومثله قول الشاعر :
ما ولدتكم حيّة بنة مالك سفاحا وما كانت أحاديث كاذب
و لكن نرى أقدامنا فى نعالكم وآنفنا بين اللحى والحواجب
و معناه : ونرى آنفنا بين لحاكم وحواجبكم فى الشبه. ولو قال :(مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) على أن تجعل المفتّحة فى اللفظ للجنات وفى المعنى للأبواب، فيكون مثل قول الشاعر «٢».
وما قومى بثعلبة بن سعد ولا بفزارة الشعر الرقابا

(١) الآية ٣٩ سورة النازعات.
(٢) هو الحارث بن ظالم المري، كما فى كتاب سيبويه ١/ ١٠٣. وهو من قصيدة مفضلية ينتفى فيها من نسبه فى بغيض بن ريث بن غطفان ويعلن التحاقه بقريش وكان قد فر لحدث أحدثه وفى ا :«فما قومى» والشعر جمع أشعر وهو الكثير الشعر. والشعرى مؤنث أشعر.


الصفحة التالية
Icon