معاني القرآن، ج ٢، ص : ٤١٠
قال الفراء :(ومن يشوه) أي يأخذ شواه وأطايبه. فخفض الغشوم لأنه مدح، ولو نصب لأنّ لفظه نكرة ولفظ الذي هو نعت له معرفة كان صوابا كما قالوا : هذا مثلك قائما، ومثلك جميلا.
وقوله عزّ وجل : فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ [٥٧] رفعت الحميم والغسّاق بهذا مقدّما ومؤخرا.
والمعنى هذا حميم وغسّاق فليذوقوه. وإن شئت جعلته مستأنفا، وجعلت الكلام قبله مكتفيا كأنك قلت : هذا فليذوقوه، ثم قلت : منه حميم ومنه غسّاق كقول الشاعر :
حتّى إذا ما أضاء الصّبح فى غلس وغودر البقل ملوىّ ومحصود
و يكون (هذا) فى موضع رفع، وموضع نصب. فمن نصب أضمر قبلها ناصبا كقول الشاعر «١» :
زيادتنا نعمان لا تحرمنّها تق اللّه فينا والكتاب الذي تتلو
و من رفع رفع بالهاء التي فى قوله :(فَلْيَذُوقُوهُ) كما تقول فى الكلام : الليل فبادروه والليل.
والغسّاق تشدّد سينه وتخفّف «٢» شدّدها يحيى بن وثّاب وعامّة أصحاب عبد اللّه، وخفّفها الناس بعد. وذكروا أنّ الغسّاق بارد يحرق كإحراق الحميم «٣». ويقال : إنه ما يغسق ويسيل من صديدهم وجلودهم.
وقوله : وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ [٥٨] قرأ الناس (وَ آخَرُ مِنْ شَكْلِهِ) إلّا مجاهدا «٤» فإنه قرأ
(٢) وهى قراءة حفص وحمزة والكسائي وخلف.
(٣) هو الحار.
(٤) وهى قراءة أبى عمرو ويعقوب.