معاني القرآن، ج ٢، ص : ٤١٢
كأنك قلت : ما يوحى إلى إلّا الإنذار. وإن شئت جعلت المعنى : ما يوحى إلىّ إلّا لأنى نذير ونبىّ فإذا ألقيت اللام كان موضع (أنّما) نصبا. ويكون فى هذا الموضع : ما يوحى إلىّ إلّا أنك نذير مبين لأن المعنى حكاية، كما تقول فى الكلام : أخبرونى أنى مسىء وأخبرونى أنك مسىء، وهو كقوله :
رجلان من ضبّة أخبرانا أنّا رأينا رجلا عريانا
و المعنى : أخبرانا أنهما رأيا، فجاز ذلك لأن أصله الحكاية.
وقوله : بيدىّ أستكبرت اجتمع القراء على التثنية ولو قرأ قارئ (بيدي) يريد يدا على واحدة كان صدابا كقول الشاعر :
أيها المبتغى فناء قريش بيد اللّه عمرها والفناء
و الواحد من هذا يكفى من الاثنين، وكذلك العينان والرجلان واليدان تكتفى إحداهما من الأخرى لأن معناهما واحد.
وقوله : قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ [٨٤] قرأ الحسن وأهل الحجاز بالنصب قيهما. وقرأ الأعمش وعاصم وأكبر منهم «١» : ابن عباس ومجاهد بالرفع فى الأولى والنصب فى الثانية.
حدّثنا أبو العباس قال حدّثنا محمد قال حدثنا الفراء قال : حدّثنى بهرام - وكان شيخا يقرىء فى مسجد المطمورة ومسجد الشعبيين - عن أبان بن تغلب عن مجاهد أنه قرأ (فالحقّ منى والحقّ أقول) : وأقول الحقّ. وهو وجه : ويكون رفعه على إضمار : فهو الحقّ.
وذكر عن ابن عبّاس أنه قال : فأنا الحقّ. وأقول الحقّ. وقد يكون رفعه بتأويل جوابه لأن العرب تقول : الحقّ لأقومنّ، ويقولون : عزمة صادقة لآتينّك لأن فيه تأويل : عزمة صادقة أن آتيك.