معاني القرآن، ج ٢، ص : ٥٦
إلى نفسه إذا اختلف لفظه كقوله (إِنَّ «١» هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) والحقّ هو اليقين. ومثله أتيتك بارحة الأولى، وعام الأوّل وليلة الأولى ويوم الخميس. وجميع الأيّام تضاف إلى أنفسها لاختلاف لفظها. وكذلك شهر ربيع. والعرب تقول فى كلامها - أنشدنى بعضهم - :
أ تمدح فقعسا وتذمّ عبسا ألا للّه أمّك من هجين «٢»
و لو أقوت «٣» عليك ديار عبس عرفت الذلّ عرفان اليقين
و إنما معناه عرفانا ويقينا.
وقوله : حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا [١١٠].
خفيف. وقرأها أهل المدينة بالتثقيل، وقرأها ابن عباس بالتخفيف، وفسّرها : حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا جاءهم نصرنا. وحكيت عن عبد اللّه (كذّبوا) مشدّدة وقوله :(فنجى من نشاء) القراءة بنونين «٤» والكتاب أتى بنون واحدة. وقد قرأ عاصم (فنجّى من نشاء) فجعلها نونا، كأنه كره زيادة نون ف (من) حينئذ فى موضع رفع. وأما الذين قرءوا بنونين فإن النون الثانية، تخفى ولا تخرج من موضع الأولى، فلمّا خفيت حذفت، ألا ترى أنك لا تقول فننجى بالبيان. فلمّا خفيت الثانية حذفت واكتفى بالنون الأولى منها، كما يكتفى بالحرف من الحرفين فيدغم ويكون كتابهما واحدا.
وقوله : ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ [١١١] منصوب، يراد به : ولكن كان تصديق ما بين يديه من الكتب : التوراة والإنجيل. ولو رفعت التصديق كان صوابا كما تقول : ما كان

(١) الآية ٩٥ سورة الواقعة.
(٢) الهجين : عربى ولد من أمة أو من أبوه خير من أمه.
(٣) أقوت : أقفرت وخلت.
(٤) قرأ «فتنجى» غير ابن عامر وعاصم ويعقوب. أما هؤلاء فقد قرءوا :«فنجى» على صيغة المبنى للمفعول من نجى.


الصفحة التالية
Icon