معاني القرآن، ج ٢، ص : ٦٠
رفع، الذي رفعهما جميعا سواء، ومعناهما : أن من أسرّ القول أو جهر به فهو يعلمه، وكذلك قوله :
(وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) أي ظاهر بالنهار. يقول : هو يعلم الظاهر والسرّ وكلّ عنده سواء.
وقوله : لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ [١١] المعقّبات : الملائكة، ملائكة الليل تعقّب ملائكة النهار «١» يحفظونه. والمعقّبات : ذكران إلّا أنه جميع جمع ملائكة معقّبة، ثم جمعت معقّبة، كما قال : أبناوات سعد «٢»، ورجالات جمع رجال.
ثم قال عزّ وجلّ (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) فرجع إلى التذكير الذي أخبرتك وهو المعنى.
والمعقّبات من أمر اللّه عز وجل يحفظونه، وليس يحفظ من أمره إنما هو تقديم وتأخير واللّه أعلم، ويكون (يَحْفَظُونَهُ) ذلك الحفظ من أمر اللّه وبأمره وبإذنه عز وجلّ كما تقول للرجل : أجيئك من دعائك إيّاى وبدعائك إيّاى واللّه أعلم بصواب ذلك.
وقوله : هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً :[١٢] خوفا على المسافر وطمعا للحاضر.
وقوله :(وَ يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) السحاب وإن كان لفظه واحدا فإنه جمع، واحدته سحابة. جعل نعته على الجمع كقوله (مُتَّكِئِينَ «٣» عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) ولم يقل :
أخضر، ولا حسن، ولا الثقيل، للسحاب. ولو أتى بشىء من ذلك كان صوابا كقوله :(جَعَلَ لَكُمْ «٤» مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) فإذا كان نعت شىء من ذا يرجع إلى صغر أو كبر لم تقله إلّا على تأويل الجمع. فمن ذلك أن تقول : هذا تمر طيّب، ولا تقول تمر

(١) بعده فى اللسان فى سوق عبارة الفراء :«و ملائكة النهار تعقب ملائكة الليل».
(٢) اسم لأكثر من قبيلة فى العرب، منهم سعد تميم وسعد قيس وسعد هذيل، كما فى القاموس.
(٣) الآية ٧٦ سورة الرحمن.
(٤) الآية ٨٠ سورة يس. [.....]


الصفحة التالية
Icon