معاني القرآن، ج ٢، ص : ٧٢
(إِنَّ «١» شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ) فهذا أيضا عذاب فى بطونهم يسيغونه. وأمّا ما دخلت فيه (كاد) ولم يفعل فقولك فى الكلام : ما أتيته ولا كدت، وقول اللّه عزّ وجلّ فى النور (إِذا «٢» أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) فهذا عندنا - واللّه أعلم - أنه لا يراها. وقد قال ذلك بعض الفقهاء لأنها لا ترى فيما هو دون هذا من الظلمات، وكيف بظلمات قد وصفت بأشدّ الوصف.
وقوله : ويأتيه الموت من كلّ مكان : حدّثنا الفراء : قال : حدثنى حبّان عن الكلبىّ عن أبى صالح عن ابن عباس قال :(يأتيه الموت) يعنى : يأتيه العذاب من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. حدثنى هشيم عن العوّام بن حوشب عن إبراهيم التّيمىّ قال : من كل شعرة.
وقوله :(وَ ما هُوَ بِمَيِّتٍ) العرب إذا كان الشيء قد مات قالوا : ميت وميّت. فإن قالوا :
هو ميت إن ضربته قالوا : مائت وميّت. وقد قرأ بعض القراء (إنّك «٣» مائت وإنّهم مائتون) وقراءة العوامّ على (ميّت). وكذلك يقولون هذا سيّد قومه وما هو بسائدهم عن قليل، فيقولون :
بسائدهم وسيّدهم، وكذلك يفعلون فى كل نعت مثل طمع، يقال : طمع إذا وصف بالطمع، ويقال هو طامع أن «٤» يصيب منك خيرا، ويقولون : هو سكران إذا كان فى سكره، وما هو ساكر عن كثرة الشراب، وهو كريم إذا كان موصوفا بالكرم، فإن نويت كرما يكون منه فيما يستقبل قلت : كارم.
وقوله : مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ [١٨].
أضاف المثل إليهم ثم قال (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ) والمثل للأعمال والعرب تفعل

(١) الآيات ٤٣ - ٤٥ سورة الدخان
(٢) الآية ٤٠ سورة النور
(٣) فى الآية ٣٠ سورة الزمر. وهذه القراءة قراءة الحسن وابن محيصن، كما فى الإتحاف [.....]
(٤) ا :«إذ»


الصفحة التالية
Icon