معاني القرآن، ج ٢، ص : ٧٨
عزّ وجل شمسا ولا قمرا ولا كثيرا من نعمه، فقال : وآتاكم من كلّ ما لم تسألوه فيكون (ما) جحدا. والوجه الأوّل أعجب إلىّ لأن المعنى - واللّه أعلم - آتاكم من كلّ ما سألتموه لو سألتموه، كأنك قلت : وآتاكم كل سؤلكم، ألا ترى أنك تقول للرجل لم يسأل شيئا : واللّه لأعطينّك سؤلك : ما بلغته مسألتك وإن لم تسأل.
وقوله : وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ [٣٥] أهل الحجاز يقولون : جنبنى «١»، هى خفيفة.
وأهل نجد يقولون : أجنبنى شرّه وجنّبنى شرّه. فلو قرأ «٢» قارئ :(وأجنبنى وبنىّ) لأصاب ولم أسمعه من قارئ.
[قوله : إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي.. [٣٧]] وقال (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) ولم يأت منهم بشىء يقع عليه الفعل. وهو جائز : أن تقول : قد أصبنا من بنى فلان، وقتلنا من بنى فلان وإن لم تقل : رجالا، لأن (من) تؤدّى عن بعض القوم كقولك : قد أصبنا من الطعام وشربنا من الماء. ومثله (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ «٣» الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ).
وقوله (تَهْوِي إِلَيْهِمْ) يقول : اجعل أفئدة من الناس تريدهم كقولك : رأيت فلانا يهوى نحوك أي يريدك. وقرأ بعض القرّاء (تهوى إليهم) بنصب الواو، بمعنى تهواهم كما قال (رَدِفَ «٤» لَكُمْ) يريد ردفكم، وكما قالوا : نقدت لها مائة أي نقدتها.
وقوله : لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ [٤٣] رفعت الطرف بيرتد واستأنفت الأفئدة فرفعتها بهواء كما قال فى آل عمران (وَ ما يَعْلَمُ «٥» تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) استأنفتهم فرفعتهم بيقولون لا بيعلم.
(٢) فى الكشاف أنه قرئ بها
(٣) الآية ٥٠ سورة الأعراف
(٤) الآية ٧٢ سورة النمل
(٥) الآية ٧ سورة آل عمران