معاني القرآن، ج ٢، ص : ٨
قال : أيّهما وإنما ذكر الخير وحده لأن المعنى يعرف : أن المبتغى للخير متّق للشرّ وكذلك قول اللّه جل ذكره :(سَرابِيلَ «١» تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) [أي ] وتقى البرد. وهو كذلك وإن لم يذكر.
وقوله :(وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) فيقال : من أصناف الكفّار. ويقال :
إن كلّ كافر حزب.
وقوله : وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ [٢٠].
هم رءوس الكفرة الذين يضلّون. وقوله :(ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) على وجهين. فسّره بعض المفسّرين : يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السّمع «٢» ولا يفعلون. فالباء حينئذ كان ينبغى لها أن تدخل، لأنه قال :(وَ لَهُمْ «٣» عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) فى غير موضع من التنزيل أدخلت فيه الباء، وسقوطها جائز كقولك «٤» فى الكلام : بأحسن ما كانوا يعملون وأحسن ما كانوا يعملون. وتقول فى الكلام : لأجزينّك بما عملت، وما عملت. ويقال : ما كانوا يستطيعون السّمع وما كانوا يبصرون : أي أضلّهم اللّه عن ذلك فى اللوح المحفوظ.
وقوله :(لا جَرَمَ أَنَّهُمْ) [٢٢] كلمة كانت فى الأصل بمنزلة لا بدّ أنّك قائم ولا محالة أنّك ذاهب، فجرت على ذلك، وكثر استعمالهم إيّاها، حتّى صارت بمنزلة حقّا ألا ترى أن العرب تقول :
لا جرم لآتينك، لا جرم قد أحسنت. وكذلك فسّرها المفسّرون بمعنى الحقّ. وأصلها من جرمت

(١) الآية ٨١ سورة النحل.
(٢) سقط في ا.
(٣) الآية ١٠ سورة البقرة.
(٤) الأولى : كقوله تعالى. فإن الاستعمالين واردان فى الكتاب العزيز فالأول فى الآية ٩٦ سورة النحل، والثاني فى الآية ٧ سورة العنكبوت.


الصفحة التالية
Icon