معاني القرآن، ج ٢، ص : ٨١
و ليس ذلك «١» حسنا فى الفعل ولو كان اسما لكان الذي قالوا أجوز. كقولك : أنت صاحب اليوم ألف دينار، لأن الصّاحب إنما يأخذ واحدا ولا يأخذ الشيئين، والفعل قد ينصب الشيئين، ولكن إذا اعترضت صفة بين خافض وما خفض جاز إضافته مثل قولك : هذا ضارب فى الدار أخيه، ولا يجوز إلّا فى الشعر، مثل قوله :
تروّح فى عمّيّة وأغاثه على الماء قوم بالهراوات هوج «٢»
مؤخّر عن أنيابه جلد رأسه لهنّ كأشباه الزّجاج خروج «٣»
و قال الآخر «٤» :
و كرّار دون المجحرين جواده إذا لم يحام دون أنثى حليلها
و زعم الكسائي أنهم يؤثرون النصب إذا حالوا بين الفعل المضاف بصفة فيقولون : هو ضارب فى غير شىء أخاه، يتوهّمون إذ حالوا بينهما أنهم نوّنوا. وليس قول من قال (مخلف وعده رسله) ولا (زَيَّنَ «٥» لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) بشىء، وقد فسّر «٦» ذلك. ونحويّو أهل المدينة ينشدون قوله :
فزججتها متمكّنا زجّ القلوص أبى مزاده «٧»

(١) ا :«بحسن».
(٢) العمية : الضلالة والكبر. والهراوات العصى. و«هوج» ضبط في ا :«هوج» وهو لا يستقيم مع البيت الذي بعده «خروج» فالظاهر أن يضبط «هوج» بسكون الواو جمع أهوج، ويراد به المتسرع العجل.
(٣) كأنه يريد بتأخير جلد رأسه عن أنيابه أنه كالأسد يكشر عن أسنانه ويبديها ولا يطبق رأسه على أسنانه فيخفيها.
وبذكر أن أنيابه لها خروج أي بروز وظهور كأطراف الزجاج. والزجاج جمع زج، وهو الحديدة فى أسفل الرمح.
(٤) هو الأخطل يمدح همام بن مطرف التغلبي. والمحجر : الملجأ الذي غشيه عدوه. يصفه بالشجاعة والإقدام، فاذا فر الرجال عن أزواجهم منهزمين وأسلموهن للعدو كر جواده يدافع عنهم. وانظر كتاب سيبويه ١/ ٩٠.
(٥) هذه قراءة ابن عامر.
(٦) انظر ص ٣٥٧ من الجزء الأول.
(٧) انظر ص ٣٥٨ من الجزء الأول من هذا الكتاب، وشرح المفصل ٣/ ١٩.


الصفحة التالية
Icon