معاني القرآن، ج ٣، ص : ١٣٠
اللوح المحفوظ إلا المطهرون يقول : الملائكة الذين طهروا من الشرك. ويقال : لا يمسه : لا يجد طعمه ونفعه إلا المطهرون من آمن به.
وقوله : أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) مكذبون وكافرون، كلّ قد سمعته.
وقوله : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢).
جاء فى الأثر : تجعلون رزقكم : شكركم «١»، وهو فى العربية حسن أن تقول : جعلت زيارتى إياك أنك استخففت بي، فيكون المعنى : جعلت ثواب الزيارة - الجفاء. كذلك جعلتم شكر الرزق - التكذيب «٢».
وقوله : فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) يعنى : النّفس عند الموت وقوله : وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) يعنى : أهل الميت عنده.
ينظرون إليه. والعرب تخاطب القوم بالفعل كأنهم أصحابه، وإنما يراد به بعضهم : غائبا كان أو شاهدا، فهذا من ذلك كقولك للقوم : أنتم قتلتم فلانا، وإنما قتله الواحد الغائب. ألا ترى أنك قد تقول لأهل المسجد لو آذوا رجلا بالازدحام : اتقوا اللّه، فإنكم تؤذون المسلمين، فيكون صوابا.
وإنما تعظ غير الفاعل فى كثير من الكلام، ويقال : أين جواب (فلولا) الأولى، وجواب التي بعدها؟ والجواب فى ذلك : أنهما أجيبا بجواب واحد وهو ترجعونها، وربما أعادت العرب الحرفين ومعناهما «٣» واحد. فهذا من ذلك، ومنه «٤» :«فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ «٥»». أجيبا بجواب واحد وهما جزاءان، ومن ذلك قوله : لا تحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم «٦»
(٢) عن ابن عباس أنه كان يقرأ : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون، ثم قال : ما مطر الناس ليلة قط إلّا أصبح بعض الناس مشركين، يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا... قال : فكان ذلك منهم كفرا بما أنعم عليهم (تفسير الطبري :
٢٧/ ١٠٧).
(٣) فى ش : معناهما.
(٤) فى ش : وقوله.
(٥) سورة البقرة الآية : ٣٨.
(٦) سورة آل عمران : ١٨٨.