معاني القرآن، ج ٣، ص : ١٤٦
و قوله : لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ (١٣) يقول : أنتم يا معشر المسلمين أهيب فى صدورهم [يعنى بنى النضير] «١» من عذاب اللّه عندهم، وذلك أن بنى النضير كانوا ذوى بأس، فقذف اللّه فى قلوبهم الرعب من المسلمين، ونزل فى ذلك :
«بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ» (١٤) ليقوى المسلمون عليهم (تحسبهم) يعنى : بنى النضير جميعا، وقلوبهم مختلفة، وهى فى قراءة عبد اللّه : وقلوبهم أشت، أي : أشد اختلافا.
وقوله : أَوْ «٢» مِنْ وَراءِ جُدُرٍ (١٤) قرأ ابن عباس : جدار، وسائر القراء : جدر على الجمع «٣».
وقوله : فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما «٤» فِي النَّارِ خالِدَيْنِ (١٧) وهى فى قراءة عبد اللّه : فكان عاقبتهما «٥» أنهما خالدان فى النار، وفى [١٩٦/ ب ] قراءتنا «خالِدَيْنِ فِيها» نصب، ولا أشتهى الرفع، وإن كان يجوز وذلك أن الصفة قد عادت على النار مرتين، والمعنى للخلود، فإذا رأيت الفعل بين صفتين قد عادت إحداهما على موضع الأخرى نصبت الفعل، فهذا من ذلك، ومثله فى الكلام قولك : مررت برجل على بابه متحملا به، ومثله قول الشاعر :
و الزعفران على ترائبها شرقا به اللبات والنحر «٦»
لأن الترائب «٧» هى اللبات هاهنا، فعادت الصفة باسمها الذي وقعت عليه أولا، فإذا اختلف الصفتان : جاز الرفع والنصب على حسن. من ذلك قولك : عبد اللّه فى الدار راغب فيك.
ألا ترى أن (فى) التي فى الدار مخالفة (لفى) التي تكون فى الرغبة والحجة «٨» ما يعرف به النصب
(٢) فى ش ولا أو، تحريف.
(٣) قرأ أبو عمرو وابن كثير وكثير من المكيين جدار بالألف وكسر الجيم (البحر المحيط ٨/ ٢٤٩)، وافقهما اليزيدي (الاتحاف : ٤١٣). وقرأ كثير من المكيين وهرون عن ابن كثير : جدر، بفتح الجيم، وسكون الدال لغة اليمن (البحر المحيط ٨/ ٢٤٩)، وعن الحسن، ضم الجيم، وسكون الدال مع حذف الألف، وهى قراءة أبى رجاء وأبى حيوة (المحتسب ٢/ ٣١٦)، والباقون بضم الجيم والدال على الجمع (الاتحاف ٤١٤).
(٤، ٥) سقط فى ش.
(٦) أورده فى البحر المحيط، ولم ينسبه، والرواية فيه : شرقت به مكان : شرقابه (البحر المحيط ٨/ ٤٥٣).
(٧) فى ح، ش : التراب، تحريف.
(٨) فى الأصل : ومخنة ولعلها : ومحجة، والتصويب عن تفسير الطبري (٢٨/ ٥٢).