معاني القرآن، ج ٣، ص : ١٧٨
فإذا قالت العرب : لو تركت أنت ورأيك، رفعوا بقوة : أنت، إذ ظهرت غير متصلة بالفعل.
وكذلك يقولون : لو ترك عبد اللّه والأسد لأكله، فإن كنّوا عن عبد اللّه، فقالوا : لو ترك والأسد أكله، نصبوا لأن الاسم لم يظهر، فإن قالوا : لو ترك هو والأسد، آثروا الرفع فى الأسد، ويجوز فى هذا ما يجوز فى هذا إلا أن كلام [٢٠٤/ ا] العرب على ما أنبأتك «١» به إلا قولهم : قد ترك بعض القوم وبعض، يؤثرون فى هذا الإتباع لأن بعض وبعض لما اتفقتا فى المعنى والتسمية اختير فيهما الإتباع والنصب فى الثانية غير ممتنع.
وقوله : أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧).
يقول : أعندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون «٢» منه، ويجادلونك بذلك.
وقوله : وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ (٤٨).
كيونس صلّى اللّه عليه وسلم، يقول : لا تضجر بهم كما ضجر يونس حتى هرب من أصحابه فألقى نفسه فى البحر «٣» حتى التقمه الحوت.
وقوله : لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ (٤٩).
حين نبذ - وهو مذموم، ولكنه نبد عير مذموم، «فَاجْتَباهُ رَبُّهُ» (٥٠).
وفى قراءة عبد اللّه :«لو لا أن تداركته «٤»»، وذلك مثل قوله :«وَ أَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ «٥»» «وَ أَخَذَتِ» «٦» فى موضع آخر لأن النعمة اسم مؤنث مشتق من فعل، ولك فى فعله إذا تقدم التذكير والتأنيث.
وقوله : لَنُبِذَ بِالْعَراءِ (٤٩). العراء الأرض.
[حدثنا محمد بن الجهم قال : حدثنا الفراء «٧»].
(٢) فى ح : يكتتبون.
(٣) سقط فى ب، ش.
(٤) وهى قراءة ابن عباس أيضا (تفسير القرطبي ١٨/ ٢٥٣).
(٥) سورة هود الآية ٦٧.
(٦) سورة هود الآية ٩٤.
(٧) ما بين الحاصرتين زيادة فى ب.