معاني القرآن، ج ٣، ص : ١٩١
و قد اجتمع القراء على كسر «إنا» فى قوله :«فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً»، واختلفوا فيما بعد ذلك، فقرءوا : وإنّا، وأنّا «١» إلى آخر السورة، وكسروا بعضا، وفتحوا بعضا.
[حدثنا أبو العباس قال «٢» : حدثنا محمد قال ] : حدثنا الفراء قال : فحدثنى الحسن بن عياش أخو أبى بكر بن عياش، وقيس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة بن قيس أنه قرأ ما فى الجنّ، والنجم :
(وأنا)، بالفتح «٣». قال الفراء : وكان يحيى وإبراهيم وأصحاب عبد اللّه كذلك يقرءون. وفتح نافع المدني، وكسر الحسن ومجاهد، وأكثر أهل المدينة إلا أنهم نصبوا :«وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ» (١٨) [حدثنا محمد قال «٤» :] حدثنا الفراء قال : وحدثنى حبّان عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس قال : أوحى إلى النبي - صلى اللّه عليه وسلم - بعد اقتصاص أمر الجن :«وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا» (١٨).
وكان [عاصم بكسر ما كان ] «٥» من قول الجن، ويفتح ما كان من الوحى. فأما الذين فتحوا كلها فإنهم ردّوا «أن» فى كل السورة على قوله : فآمنا به، وآمنا بكل ذلك، ففتحت «أن» لوقوع الإيمان عليها، وأنت مع ذلك تجد الإيمان يحسن فى بعض ما فتح، ويقبح فى بعض، ولا يمنعك «٦» ذلك من إمضائهن على الفتح، فإن الذي يقبح من ظهور الإيمان قد يحسن فيه فعل مضارع للإيمان يوجب فتح أنّ كما قالت العرب.
إذا ما الغانيات برزن يوما وزجّجن الحواجب والعيونا «٧»
فنصب العيون باتب
فأقسم لو شىء أتانا رسوله سواك، ولكن لم نجد لك مدفعا «٤»
و أنشدنى آخر :
أما واللّه أن لو كنت حرّا وما بالحرّ أنت ولا العتيق»
و من كسر كلها ونصب :«وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ» خصّه بالوحى، وجعل : وأن لو مضمرة فيها [اليمين على ما وصفت لك «٦».
«٧» وقوله تبارك وتعالى : وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا (٣).
[حدثنا أبو العباس قال «٨» :] حدثنا محمد قال : حدثنا الفراء قال : حدثنى أبو إسرائيل عن الحكم عن مجاهد فى قوله :«وَ أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا» قال : جلال ربنا.
وقوله جل وعز : وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (٥).
(٢) فى ش : تدخلن.
(٣) فى ش : الكتاب.
(٤) لم أعثر على قائله.
(٥) استشهد به فى المغني على زيادة (أن) : ١ : ٣٠ وورد فى تفسير القرطبي (١٩/ ١٧) ولم ينسب إلى قائله فى الموضعين.
(٦) سقط فى ا.
(٧) يبدأ من هنا النقل من النسخة ب، لأنه ليس فى (ا)
(٨) زيادة فى ش.