معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٤٦
و كلت لك، وسمعت أعرابية تقول : إذا صدر الناس أتينا التاجر، فيكيلنا المدّ والمدّين إلى الموسم المقبل، فهذا شاهد، وهو من كلام أهل الحجاز، ومن جاورهم من قيس.
وقوله عز وجل : اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ (٢).
يريد : اكتالوا من الناس، وهما تعتقبان : على ومن - فى هذا الموضع لأنه حقّ عليه فإذا قال : اكتلت عليك، فكأنه قال : أخذت ما عليك، وإذا قال : اكتلت منك، فهو كقولك :
استوفيت منك.
وقوله عز وجل : يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ (٦).
هو تفسير اليوم المخفوض لمّا ألقى اللام من الثاني ردّه إلى «مَبْعُوثُونَ، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ» فلو خفضت يوم بالرّد على اليوم الأوّل كان صوابا.
وقد تكون فى موضع خفض «١» إلّا أنها أضيفت إلى يفعل، فنصبت إذ أضيفت إلى غير محض «٢»، ولو رفع على ذلك «يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ» كما قال الشاعر :
فكنت كذى رجلين : رجل صحيحة وأخرى رمى فيها الزّمان فشلّت «٣».
و قوله عز وجل : وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨).
ذكروا أنها الصخرة التي تحت الأرض، ونرى أنه صفة من صفاتها لأنه لو كان لها اسما لم يجر.
وإن قلت : أجريته لأنى ذهبت بالصخرة إلى أنها الحجر الذي فيه الكتاب كان وجها.
وقوله عز وجل : كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤).
يقول : كثرت المعاصي والذنوب منهم، فأحاطت بقلوبهم فذلك الرّين عليها. وجاء فى الحديث : إن عمر «٤» بن الخطاب رحمه اللّه، قال للأسيفع «٥» أصبح قدرين به. يقول : قد أحاط بماله [١٣١/ ب ]، الدين وأنشدنى بعض العرب «٦» :

(١) فى الكشاف (٢ : ٥٣١) : وقرىء بالجر بدلا من (يوم عظيم).
(٢) فى ش : مخفوض.
(٣) البيت لكثير عزة، والرفع على القطع، وهو وجه جائز مع الجر على البدل. (الكتاب ١ : ٢١٥) وانظر (الخزانة ٢/ ٢٧٦).
(٤) هذه رواية ش، وبقية النسخ :«أن فى عن عمر» ش : أن عمر قال.
(٥) أسيفع جهينة، روى أن عمر خطب فقال : ألا إن الأسيفع أسيفع جهينة قد رضى من دينه وأمانته، بأن يقال : سبق الحاج فادّان معرضا، وأصبح قدرين به (اللسان مادة : رين).
(٦) فى اللسان : أنشده ابن الأعرابى ١٣/ ١٩٣، والرواية فيه :
ضحيت حتّى أظهرت ورين بي ورين بالسّاقى الذي كان معى


الصفحة التالية
Icon