معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٧٢
عن عمرو بن دينار قال، «فاتت عبيد بن عمير ركعة من المغرب، فقام يقضيها فسمعته يقرأ :
«فأنذرتكم نارا تتلظّى «١»
» : قال الفراء ورأيتها فى مصحف عبد اللّه :«تتلظّى» بتاءين.
وقوله عز وجل : لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى (١٥).
إلّا من كان شقيا فى علم اللّه.
وقوله عز وجل : الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦).
لم يكن كذّب بردّ ظاهر، ولكنه قصّر عما أمر به من الطاعة، فجعل تكذيبا، كما تقول :
لقى فلان العدو فكذب إذا نكل ورجع. قال الفراء : وسمعت أبا ثروان يقول : إنّ بنى نمير ليس لجدهم «٢» مكذوبة. يقول : إذا لقوا صدقوا القتال ولم يرجعوا، وكذلك قول اللّه تبارك وتعالى :«لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ «٣»» يقول : هى حق.
وقوله عز وجل : وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) أبو بكر.
وقوله عز وجل : وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩).
يقول : لم ينفق «٤» نفقته مكافأة ليد أحد عنده، ولكن أنفقها ابتغاء وجه ربه، فإلّا فى هذا الموضع بمعنى (لكن) وقد يجوز أن تجعل الفعل فى المكافأة «٥» مستقبلا، فتقول : ولم يرد مما «٦» أنفق مكافأة من أحد. ويكون موقع اللام التي فى أحد - فى الهاء التي [١٤١/ ب ] خفضتها عنده، فكأنك قلت : وماله عند أحد فيما أنفق من نعمة يلتمس ثوابها، وكلا الوجهين حسن، قال الفراء :
ما أدرى أي الوجهين أحسن، وقد تضع العرب الحرف فى غير موضعه إذا كان المعنى معروفا وقد قال الشاعر «٧».
لقد خفت حتى ما تزيد مخافتى على وعل فى ذى المكاره عاقل

(١) وكذلك قرأ ابن الزبير، وزيد بن على، وطلحة، وسفيان بن عيينة. (البحر المحيط ٨/ ٤٨٤).
(٢) وفى الأصول :«لحرهم» والتصويب من «القرطبى : جامع البيان ٢٠ : ٨٧».
(٣) سورة الواقعة الآية : ٢.
(٤) فى ش : لم يكن ينفق.
(٥) فى ش : المكافآت.
(٦) فى ش : بما.
(٧) البيت للنابغة الذبياني، وقد استشهد به القرطبي فى الجزء (٢ : ٨١) والجزء (٢٠ : ٢٢٧) فليرجع إليه هناك.


الصفحة التالية
Icon