معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٧٧
تقول العرب «١» : أنفق فلان ماله على فلان، وإنما أنفق بعضه، وهو كثير فى التنزيل من ذلك قوله فى أبى بكر :«الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى «٢»» لم يرد كل ماله إنما أراد بعضه.
ويقال :«ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ» (٥).
إلى النار ثم استثنى فقال :«إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا» استثناء «٣» من الإنسان : لأنّ معنى الإنسان :
الكثير. ومثله :«إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا «٤»» وهى فى قراءة عبد اللّه «أسفل السافلين «٥»»، ولو كانت : أسفل سافل لكان «٦» صوابا لأنّ لفظ الإنسان. واحد، فقيل :
«سافِلِينَ» على الجمع لأن الإنسان فى معنى جمع، وأنت تقول : هذا أفضل قائم، ولا تقول : هذا أفضل قائمين لأنك تضمر لواحد، فإذا كان الواحد غير مقصود «٧» له رجع اسمه بالتوحيد وبالجمع كقوله «وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «٨»» وقال فى عسق :«وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ «٩»» فردّ الإنسان على جمع، ورد تصبهم على الإنسان للذى أنبأتك به.
وقوله عزّ وجلّ : فَما يُكَذِّبُكَ [١٤٣/ ب ] (٧).
يقول : فما الذي يكذبك بأن الناس يدانون بأعمالهم، كأنه قال، فمن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب بعد ما تبين له من خلقنا الإنسان على ما وصفنا.
(٢) سورة الليل الآية : ١٨.
(٣) سقط فى ش.
(٤) سورة العصر : ٢، ٣. [.....]
(٥) انظر البحر المحيط :(٨/ ٤٩٠).
(٦) فى ش : كان.
(٧) فى الأصل :«مصمود» وظاهره أنه خطأ، والتصويب من (الطبري : ٣٠ - ٢٤٦)
(٨) سورة الزمر الآية : ٣٣.
(٩) سورة الشورى الآية : ٤٨.