٢. مثال آخر: ما المقصود بكلمة (حكيم) في قوله تعالى في سورة يس (يس والقرآن الحكيم) وقوله تعالى (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) ؟ يحتمل أن تكون بمعنى محكم (اسم مفعول) كما في قوله تعالى (كتاب أُحكمت آياته) (ومنه آيات محكمات) فهو محكم، وقد يكون مبالغة في الحكم لأنه حاكم على غيره ومهيمن على غيره من الكتب والأحكام (مصدقاً لمل بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه) أو هو صفة مشبّهة من الحكمة فهو ينطق بالحكم ويأتي بها. كل هذه المعاني مُرادة ولم يأتي بقرينة تصرف إلى معنى من هذه المعاني وهذا ما يُسمى التوسع في المعنى.
٣. مثال آخر قوله تعالى (إن إبراهيم كان أمّة). ما المقصود بكلمة (أمّة) ؟ في اللغة لها احتمالان والمشهور هو أنها الجيل من الناس ولها عنى آخر فهي على وزن فُعلة من أمّ يؤمّ. والفُعلة هكذا هي اسم مفعول له أوزان كثيرة نقول هو سُبّة إذا كان يُسبّ كثيراً أو صُرعة إذا كان يُصرع كثيراً ولُعنة الذي يُلعن كثيراً وضُحكة هو الذي يضحك منه الناس ويُهزأ به. وكذلك لدينا فُعَلَة وهي صيغة مبالغة مثل حُطَمَة وهي اسم فاعل فنقول هو صُرَعة أي الذي يَصرع كثيراً، وهُمَزة الذي يسخر من الناس وضُحَكة هو الذي يضحك من الناس، فما المقصود بأمة في هذه الآية؟ والمقصود أن إبراهيم - عليه السلام - كان عنده من الخير ما عند أمّة أو جيل من الناس وهو أيضاً إمامهم وأمّة من معانيها إمام ومأموم وقد قال تعالى في آية أخرى (إني جاعلك للناس إماما) إذن أمّة في هذه الآية فيها احتمالين أن عنده من الخير ما عند جيل من الناس وهو يؤمّ الناس وإمام لهم ولو قال إمام لنصّ على معنى واحد دون الآخر لكن اختيار كلمة (أمّة) تدل أن المقصود والمُراد هو المعنيين لهذه الكلمة فصار هذا اتساعاً في المعنى.