هذا في القرآن الكريم كثير وهو ترك تعبير إلى تعبير آخر ويحتمل أكثر من وجه إعرابي وأكثر من معنى. كما في قوله تعالى (ولا تشركوا به شيئا) فما المقصود بـ (شيئا) ؟ هل هو شيء من الأشياء مما يُشرك الناس به من أوثان وغيرها وعنده يُعرب مفعول به أو لا تشركوا به شيئاً من الشرك لأن الشرك أنواع الشرك الأصغر والشرك الأكبر وتعرب حينها مفعول مطلق، فما المقصود؟ كلمة (شيئا) تحتمل المعنيين أي لا تشركوا بالله شيئاً من الأشياء ولا شيئاً من الشرك فنهانا سبحانه عن الشرك به شيئاً من الأشياء أو شيئاً من الشرك لأن هناك من أنواع الشرك ما هو أخفى من دبيب النمل. والمفعول المطلق المصدر ينوب عنه أشياء كثيرة فقد تنوب عنه صفته والضمير والمصدر. (شيئاً) أحياناً الإسم العادي المادي نفسه مثال لما نقول طعنه سكيناً عند النحاة هو مفعول مطلق بمعنى طعنه بسكين فالمفعول المطلق (سكينا) ينوب عن المصدر وهو الآلة.
وكذلك قوله تعالى (ولا تظلمون فتيلا) الفتيل هو الخيط في شق النواة فهل المقصود شيئاً ماديا (مفعول به) أو شيئاً من الظلم وإن كان فتيلا؟ إذا أردنا المصدر تعرب مفعول مطلق بمعنى (ولا تظلمون شيئاً من الظلم وإن كان قليلاً) وهنا أراد تعالى الأمرين والمعنيين معاً بمعنى أنه لا يظلمنا لا قليلاً من الأشياء ولا شيئاً من الظلم وإن كان قليلا. ولو أراد تعالى التحديد والتخصيص بمعنى واحد لفعل كما في قوله تعالى (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) هنا حدد معنى واحداً أما عندما يريد أكثر من معنى ويريد التعميم يأتي بصيغة تحتمل عدة معاني وهذا ما يُسمى التوسع في المعنى في القرآن الكريم.