** وجعلوا منه أيضاً تقديم المغفرة على الرحمة نحو قوله (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣) البقرة) في آيات كثيرة وقوله (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠) النساء) قالوا: وسبب تقديم الغفور على الرحيم أن المغفرة سلامة والرحمة غنيمة والسلامة مطلوبة قبل الغنيمة وإنما تأخرت في سورة سبأ في قوله (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (٢)) فالرحمة شملتهم جميعاً والمغفرة تخص بعضاً، والعموم قبل الخصوص بالرتبة. ولإيضاح ذلك أن جميع الخلائق من الإنس والجن والحيوان وغيرهم محتاجون إلى رحمته فهي برحمته تحيا وتعيش وبرحمته تتراحم وأما المغفرة فتخص المكلفين فالرحمة أعمّ.
** ومن التقديم بالرتبة أيضاً قوله تعالى في من يكنز الذهب والفضة (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥) التوبة) فبدأ بالجباه ثم الجنوب ثم الظهور قيل: لأنهم كانوا إذا أبصروا الفقير عبسوا وإذا ضمهم وإياه مجلس ازوروا عنه وتولوا بأركانهم وولوه ظهورهم فتدرج حسب الرتبة.