فأنت ترى أنه قدم في آية الأنعام (لَا إِلَهَ إِلَّا هُو) وأخّر (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وفي غافر جاء بالعكس. وذلك أنه في سياق الإنكار على الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص ونفى الصاحبة والولد قال: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٠١) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٠٢) الأنعام). فأنت ترى أن الكلام على التوحيد ونفي الشرك والشركاء والصاحبة والولد ولذا قدّم كلمة التوحيد (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) على (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وهو المناسب للمقام.
ثم انظر كيف قال (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) بعد قوله (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ) فأخّر الخلق بعد التوحيد وهو نظير تأخيره بعد قوله (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) فقال (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وهو تناظر جميل.