إذا كان التعبير يحتمل تقدير أكثر من حرف يُحذف للتوسع في المعنى وعندما لا يحتمل إلا حرفاً بعينه فيكون في مقام التوكيد أو التوسع وشموله. (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴿١٤٠﴾ ) ذكرت اللام في كلمة (ليعلم) وحذفت في كلمة (يتّخذ) الآية الأولى نزلت بعد معركة أحد (ليعلم الله الذين آمنوا) غرض عام يشمل كل مؤمن ويشمل عموم المؤمنين في ثباتهم وسلوكهم أي ةما يتعلق به الجزاء ولا يختص به مجموعة من الناس فهو غرض عام إلى يوم القيامة والله عليم وهذا علم يتحقق فيه الجزاء. أما في قوله (ويتخذ منكم شهداء) ليست في سعة الغرض الأول فالشهداء أقل من عموم المؤمنين.
وكذلك في قوله تعالى في سورة آل عمران: (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴿١٤١﴾ ) ذكرت في (ليمحص) ولم تذكر في (يمحق). غرض عام سواء في المعركة (أحد) أو غيرها لمعرفة مقدار ثباتهم وإخلاصهم وهو أكثر اتساعاً وشمولاً من قوله تعالى (ويتخذ منكم شهداء) ويمحق الكافرين ليست بسعة (ليمحص الله) لم تخلو الأرض من الكافرين ولم يمحقهم جميعاً زوال الكافرين ومحقهم على وجه العموم ليست الحال وليست بمقدار الغرض الذي قبله. (ليعلم الله) غرض كبير متسع وكذلك قوله تعالى (ليمحص الله) إنما قوله تعالى (يتخذ منكم) و (يمحق الكافرين) فالغرض أقل اتساعاً لذا كان حذف الحرف (لام).
أما في قوله تعالى في الآية ١٥٤ من سورة آل عمران: (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) هنا الغرضين بدرجة واحدة من الإتساع ولهذا وردت اللام في الحالتين.
مثال آخر: