تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ١٤
أوصاف المنافقين
في أوائل سورة البقرة نزلت ثلاث عشرة آية في المنافقين (٨- ٢٠) والنفاق جبن وخيانة، وكذب وضلال، ومرض وخداع، لذا سرعان ما ينكشف شأن المنافقين، ويحتقرهم المجتمع، وتنبذهم الأمة. والنفاق واليهودية شيئان متلازمان لأنه ينشأ عن جبن وضعف حقيقي ولؤم طبعي، فالمنافق يلتوي مع الناس في أقواله وأفعاله، واليهودي يخادع الناس ويتآمر عليهم. وكثيرا ما لاقى النّبي صلّى اللّه عليه وسلم من النفاق والمنافقين، وكم كان للنفاق في المجتمعات من أضرار بالغة، والجاسوس المتآمر على وطنه وأمته منافق، والتّجسس الذي يخدم العدو مظهر من مظاهر النفاق.
والمنافقون أشد خطرا على الإسلام من الكفار صراحة لأنهم أعداء في داخل الأمة، ولا يقتصر وجود المنافقين على عصر النّبي صلّى اللّه عليه وسلم فقط، بل يمكن ظهور المنافقين ووجودهم في كل عصر ومكان.
ذكر اللّه صفات المنافقين، وأولها إظهار الإيمان بالله واليوم الآخر، وإبطان الكفر والضلال، ومخادعة اللّه، مع أن اللّه عالم بهم لا تجوز عليه مخادعتهم، وليس خداعهم إلا وبالا عليهم، قال اللّه تعالى :
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٨ الى ١٠]
وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠)
«١» «٢» [البقرة : ٢/ ٨- ١٠].
والمنافقون قوم يثيرون الفتن والتجسس لحساب الأعداء وتأليبهم على المسلمين فهم مفسدون في الأرض ويزعمون أنهم مصلحون، فهم لا يدركون الواقع

(١) يعملون عمل المخادع.
(٢) شك ونفاق وتكذيب.


الصفحة التالية
Icon