تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ١٨٩
لها، فقال : يا معشر قريش، لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل، ولقد كانا على الإسلام، فقالت قريش : يا محمد، إنما نعبد هذه حبا لله، ليقربونا إلى اللّه زلفى.
فأنزل اللّه تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
و تعبدون الأصنام لتقربكم إليه، فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ فأنا رسوله إليكم وحجته عليكم، وأنا أولى بالتعظيم من أصنامكم.
قال ابن عباس أيضا : إن اليهود لما قالوا : نحن أبناء اللّه وأحباؤه، أنزل اللّه تعالى هذه الآية، فلما نزلت عرضها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على اليهود، فأبوا أن يقبلوها.
ومضمون الآيتين : قل لهم يا محمد : إن كنتم تحبون اللّه حقيقة، فاتبعوني فإن ما جئت به هو من عند اللّه، والمحب المخلص الصادق حريص على إرضاء المحبوب، وامتثال أمره واجتناب نهيه، فإن اتبعتموني يحببكم اللّه ويوفقكم للخير، ويغفر لكم ذنوبكم، واللّه غفور رحيم.
قل لهم يا محمد : أطيعوا اللّه باتباع كلامه، واتبعوا الرسول باتباع منهجه وسنته، والاهتداء بهديه واقتفاء أثره، فإن تولوا وأعرضوا ولم يجيبوا دعوتك غرورا منهم بدعوى أنهم محبون لله وأنهم أبناؤه، فاعلم أن اللّه لا يحب الكافرين الذين لا يتأملون في آيات اللّه، ولا يهتدون إلى الدين الحق والشرع الحنيف، ومعنى قوله تعالى : فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ أنه يعذبهم ويعاقبهم على كفرهم بالله وبرسوله، وهذا وعيد وتهديد يستحق التأمل والتعقل.
اصطفاء الأنبياء
يختار اللّه عز وجلّ أنبياءه ورسله، لما يجده فيهم من مقومات عظيمة ومؤهلات عالية، ولما يراه مناسبا لقومهم، ويلائم عصرهم وزمانهم. وهذا منهج يتبعه القادة والحكام، فإنهم يبعثون الرسل والسفراء إلى أمراء العالم وحكامهم، ويختارونهم