تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ١٩٨
كنت صادقا فأرنا مثله، فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية : إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ
لما شعر عيسى من قومه بني إسرائيل بالتصميم على الكفر، قال : من ينصرني ويعينني في الدعوة إلى اللّه، وتبليغ الرسالة إلى الناس؟ قال الحواريون (أنصاره وتلاميذه) الاثنا عشر رجلا : نحن أنصار دين اللّه ورسله، آمنا بالله وحده، واشهد يا عيسى بأننا مخلصون في إيماننا، منقادون لرسالتك، مطيعون لأوامرك.
ربنا إننا صدقنا بما أنزلت من الوحي على نبيك، وامتثلنا أوامر رسولك، فاجعلنا من الشاهدين يوم القيامة لك بالوحدانية، ولرسولك بالصدق.
- ومكر كفار بني إسرائيل، أي دبروا تدبيرا خفيا لقتل عيسى، وأبطل اللّه مكرهم ودبر تدبيرا محكما بإلقاء شبه عيسى على أحد الحواريين، ورفع عيسى إلى السماء، حيا بجسده وروحه، واللّه خير وأنفذ وأقوى المدبرين.
- واذكر أيها النبي حين قال اللّه تعالى : يا عيسى، إني مستوف أجلك في الدنيا، وقابضك، والتوفي : الإماتة العادية، ورافعك إلي بروحك وبدنك، بجعلك في منزلة رفيعة كإدريس والصالحين، ومخلّصك من خبث الكافرين ومكرهم، ومبعدك من سوء عملهم، وجاعل أتباعك الذين آمنوا برسالتك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، وهي فوقية قدر، وعلو فضائل، وقوة حجة، ومن هؤلاء : المسلمون الذين آمنوا بعيسى رسولا وبما يستحقه من دون غلو، ثم يكون إلي رجوعكم جميعا، فأحكم بين المؤمنين الأتباع وبين الكفار به، فيما تختلفون فيه من شأن المسيح وصلبه وأمور الدين كلها.
- فأما الكفار فلهم عذاب شديد في الدنيا بأنواع العقاب، وفي الآخرة بنار جهنم، وليس لهم أنصار ينصرونهم ويمنعون عنهم العذاب.