تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٠٣
[آل عمران : ٣/ ٧٢- ٧٤].
والمعنى : قالت جماعة من أهل الكتاب لأتباعهم : آمنوا بمحمد أول النهار، واكفروا آخره، فإن سئلتم عن السبب، قولوا : آمنا، حتى إذا رجعنا إلى التوراة والإنجيل، عرفنا أنه ليس النبي المبشر به في التوراة، فلعل ذلك يكون مدعاة لرجوع من آمن بمحمد عن دينه، وقالوا لأتباعهم أيضا : ولا تطمئنوا أو تظهروا سركم وما عندكم إلا لمن تبع دينكم، ولا تظهروا ما بأيديكم إلى المسلمين، فيؤمنوا به ويحتجوا به عليكم، فلا تظهروا ما عندكم للمسلمين حتى يتعلموه منكم، أو يتخذوه حجة عليكم بما في أيديكم، فتتغلب حجتهم عليكم في الدنيا والآخرة، فرد اللّه عليهم بأن اللّه هو الذي يهدي قلوب المؤمنين إلى أتم الإيمان، بما ينزل على رسوله من الآيات البينات، أي ليس إظهاركم للحق أو إخفاؤكم، له دخل في الهداية، بل الهداية من اللّه وتوفيقه، والفضل بيد اللّه، يؤتيه من يشاء، ويختص برحمته من يشاء، كإعطاء النبوة لمحمد، واللّه دائما ذو الفضل العظيم.
وهذا تكذيب لليهود في قولهم : نبوة موسى مؤبدة، ولن يؤتي اللّه أحدا مثل ما آتى بني إسرائيل من النبوة والشرف. إن النبوة اصطفاء واختيار من اللّه، لا من أجل مصلحة أحد، وإنما للمصلحة العامة.
الأمانة والأيمان عند اليهود
لقد أنصف القرآن الكريم اليهود، فأخبر أنهم قسمان في الأمانة وحلف الأيمان، فمنهم من يتصف بالأمانة التامة، ومنهم من يتصف بالخيانة وعدم الوفاء بالعهد